الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص184
وشذ قوم بأن قالوا : إذا مزجها بما غلب عليها لم تحرم لقوله ( ص ) : ‘ حرمت الخمرة لعينها ‘ .
وهذا تأويل فاسد ، لأن العين موجودة في الممزوج بها ، لكن لو مزجت بالماء قبل أن تشتد ثم صارت بعد المزج مسكرا ، كانت في حكم النبيذ دون الخمر ، وكذلك .
لو غليت بالنار بعد إسكارها كانت خمرا لو غليت بالنار قبل إسكارها ثم أسكرت بعد غليها كانت نبيذا ولم تكن خمرا .
روى ابن عمر أن النبي ( ص ) قال : ‘ لعن الله الخمر ولعن بائعها ‘ ولأن بيعها من أكل المال بالباطل .
والله تعالى يقول : ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) [ البقرة : 188 ] .
وأما اتخاذ الخمر وإمساكها فمعتبر بمقصوده ، فإن قصد به أن ينقلب ويصير خلا جاز . ولم يفسق به لأنها تحل بالانقلاب .
وإن قصد ادخارها على حالها ، كان محظورا ، يفسق به ، لأن إمساكها داع إلى شربها . وما دعا إلى الحرام محظور والله أعلم .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن كل شراب أسكر فهو ‘ حرام ‘ كالخمر عندنا في تحريم ما أسكر منه وما لم يسكر . وجعل مخالفنا تحريمه مقصورا على السكر ، فأحل قليله إذا لم يسكر ، وحرم فيه الكثير إذا أسكر ، وقد تقدم الكلام عليه .
فجميع الأنبذة المسكرة عندنا محرمة من أي الأنواع كانت من زبيب أو تمر أو رطب أو بسر أو عسل ، مطبوخة ونية .
وحرم أبو حنيفة نيها وأباح مطبوخها .
فإذا شرب نبيذا مسكرا ، فإن شرب منه ما أسكر فقد شرب حراما في قول