الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص183
أحدهما : أنها الزنا خاصة . وما ظهر منها المناكح الفاسدة وما بطن السفاح الصريح .
والثاني : أن ‘ الفواحش ‘ جميع المعاصي . ما ظهر منها : ‘ أفعال الجوارح وما بطن ‘ : اعتقاد القلوب .
وفي الإثم والبغي تأويلان :
أحدهما : أن ‘ الإثم ‘ الخيانة في الأمور و ‘ البغي ‘ التعدي على النفوس .
والثاني : وهو اشهر : أن ‘ الإثم ‘ الخمر ‘ والبغي ‘ السكر . وشاهده قول الشاعر :
واختلف بأي هاتين الآيتين حرمت الخمر .
فالذي عليه الجمهور أنها حرمت بالآية الأولى للتصريح باسم الخمر .
وقال قوم : بل حرمت بالآية الثانية لأنها آخر آية نزلت فيه .
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ شارب الخمر كعابد وثن ‘ فجعله مقرونا بالشرك لتغليظ تحريمه . فإن شرب الخمر مستحلا كفر به .
وإن قيل : فقد استباح قدامة بن مظعون شرب الخمر بقوله تعالى : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ) [ المائدة : 93 ] .
وقد قال : قد أيقنا وآمنا فلا جناح علينا فيما شربنا ، فلم ينكره أحد من الصحابة
قيل : قد أنكروا عليه ما تأوله وأبطلوه ، فرجع عنه ، وانعقد الإجماع على فساد شبهته ، وصار من المحرمات بالنصوص المقطوع بها .
وإن شرب الخمر غير مستحل لها ، كان فاسقا مردود الشهادة قليلا شرب منها أو كثيرا ، سكر منها أو لم يسكر ، لقوله النبي ( ص ) : ‘ حرمت الخمرة لعينها والسكر من كل شراب ‘ في رواية العراقيين والمسكر من كل شراب في رواية الحجازيين .
ولا فرق بين أن يشربها صرفا أو ممزوجة .