الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص180
وأما القمار فهو ما يأخذه من العوض عليها إن غلب ، أو يدفعه من العوض عنها إن غلب لتحريم الله تعالى القمار نصا بقوله تعالى : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ) [ المائدة : 90 ] .
والميسر هو القمار والقمار ما لم يحل أن يكون كل واحد منهما آخذا أو معطيا فيأخذ إن كان غالبا ويعطي إن كان مغلوبا .
فأما إن عدلا عنه إلى حكم السبق والرمي ، بأن ينفرد أحد المتلاعبين بإخراج العوض دون صاحبه ليؤخذ منه إن كان مغلوبا وليسترجعه إن كان غالبا ، ويكون الآخر آخذا إن كان غالبا وغير معط إن كان مغلوبا ، فقد اختلف أصحابنا في جوازه في الشطرنج مع اتفاقهم على جوازه في السبق والرمي بناء على اختلاف قولهم في قوله ( ص ) : ‘ لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل ‘ .
هل هو أصل بذاته أو استثناء من جملة محظور على وجهين :
أحدهما : أنه أصل في نفسه يجوز القياس عليه . فعلى هذا يجوز مثله في الشطرنج قياسا على السبق والرمي . لجواز القياس على أصل النص . ولا يكون إخراج هذا العوض في الشطرنج محظورا فلا يكون به مجروحا .
والوجه الثاني : أن السبق والرمي مستثنا من جملة محظورة . فعلى هذا لا يجوز مثله في الشطرنج ، لأن القياس يكون على الأصل دون الاستثناء ويكون إخراج هذا العوض في الشطرنج محظورا ويصير بإخراجه مجروحا .
وأما تشاغله بها عن الصلاة ، فهو أن يدخل عليه وقتها فينقطع بها عن الصلاة حتى يفوت . فإن ذكرها وعلم بفوات الوقت . فقد فسق ، ولو كان دفعة واحدة ، وإن نسي الصلاة ولم يعلم بدخول الوقت حتى فات ، فإن كان في دفعة واحدة ، لم يفسق به . وإن تكرر منه ذلك وكثر فسق به ولو تكرر منه لكثرة الفكر حتى تكرر منه نسيان الصلاة في وقتها حتى فات ، لم يفسق .
والفرق بينهما : أنه لا يقدر على دفع الفكر عن نفسه إذا طرأ ، فلم يفسق إذا كثر به نسيان الصلاة . ولعب الشطرنج من فعله واختياره فيفسق إذا كثر به نسيان الصلاة .
وأما إذا تجرد لعب الشطرنج عما يفسق به من هذه الأحوال الثلاثة واستروح به في أوقات خلواته ، مستخفيا به عن المحتشمين ، فكان لعبه به على أحد وجهين :
إما ليشفى به هما ويستحدث به راحة ، وإما ليرتاض به في تدبيره وجزالة رأيه وصحة حزمه فهو على عدالته وقبول شهادته .