الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص178
والثالث : وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه : أنها ليست محرمة كما قال مالك رضي الله عنه ولا بمغلظة الكراهة كما قال أبو حنيفة ، ثم قال : وإن كرهنا ذلك ، وأراد به كراهة تنزيه .
واختلف أصحابه فيما تعود كراهته إليه على وجهين :
أحدهما : تعود كراهته إليها لأنه ضرب من اللعب .
والثاني : تعود كراهته إلى ما يحدث عنها من الخلاعة .
واستدل من حظرها وحرمها بما رواه الحسن البصري : ‘ أن النبي ( ص ) نهى عن اللعب بالشطرنج ‘ .
وبما روي [ عن النبي ] ( ص ) أنه قال : ‘ كل اللعب حرام إلا لعب الرجل بقوسه ولعبه بفرسه ولعبه مع زوجته ‘ . فعم تحريم اللعب إلا ما استثناه .
فكان الشطرنج داخلا في عموم التحريم وخارجا من استثناء الإباحة .
وبما روي عن علي عليه السلام مر بقوم يلعبون بالشطرنج فقال : ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ؟ وألقى فيها كفا من تراب فدل تشبيهه لها بالأصنام على تحريمها كالأصنام .
وسئل مالك عنها فقال : أحق هي ؟ قيل : لا . قال : فما بعد الحق إلا الضلالة فأنى تصرفون .
واستدل من أباحها وحللها : بانتشارها بين الصحابة والتابعين إقرارا عليها ، وعملا بها ، فروى الخطيب مولى سليمان بن يسار قال : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمر بنا ونحن نلعب بالشطرنج فيسلم علينا ولا ينهانا .
وروى الضحاك بن مزاحم قال : رأيت الحسن بن علي عليه السلام مر بقوم يلعبون بالشطرنج فقال : ادفع ذا ودع ذا .
وروى أبو راشد قال : رأيت أبا هريرة يدعو غلاما فيلاعبه بالشطرنج .
وروى عبد الله بن عباس : أنه كان يجيز الشطرنج ويلعب بها .