الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص177
ولكل واحد من أقاويلهم وجه ، فمن قال : إن كل مجتهد مصيب جعل جميع أقاويلهم حقا ، ولم يجعل قول واحد منهم خطأ . ومن قال : إن الحق في واحد منهم ، فكل واحد منهم جاز أن يكون محقا ، وإن لم يكن في جميع أقاويلهم محقا . وهو أسهل الاختلاف في الدين وجميعهم على العدالة وقبول الشهادة .
فهذا تفصيل مذهب الشافعي رضي الله عنه في عدالة المختلفين في الأصول والفروع . أنه لم يقبل شهادة جميعهم . ولا رد شهادة جميعهم حتى فصلناه على ما اقتضاه مذهبه وأوجبته أصوله . فأوضحنا بها من كان مقبول الشهادة ومردودها . وخالفه فيها أبو حنيفة ومالك .
فأما أبو حنيفة فخفف الأمر فيها وأجاز شهادة كل من أطلق اسم الإسلام عليه واعتبر العدالة بالأفعال دون الإعتقاد .
وأما مالك فشدد الأمر فيها فرد شهادة جميعهم واقتصر بالعدالة على أهل الحق . وكل واحد من قوليهما مدفوع بما أوضحنا من دلائل القبول والرد . والله أعلم .
قال الماوردي : وهذه المسألة تشتمل على فصلين :
أحدهما : في لعب الشطرنج .
والثاني : في اللعب بالحمام .
فأما اللعب الشطرنج فالكلام فيه يشتمل على فصلين :
أحدهما : في إباحتها وحظرها .
والثاني : في عدالة اللاعب بها وجرحه .
فأما إباحتها وحظرها ، فقد اختلف الفقهاء على ثلاثة مذاهب :
أحدهما : وهو مذهب مالك ، أنها حرام .
والثاني : وهو مذهب أبي حنيفة أنها مكروهة كراهة تغليظ يوجب المنع ، وإن لم يبلغ مبلغ التحريم .