الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص176
شهادة أهل الحق فيها يعني أن شهادة من يغلظ المعاصي من هذين الصنفين أولى أن تطيب النفس بها من شهادة من يخففها .
فصار هذا التفصيل مفضيا إلى قبول شهادة أهل الأهواء والبدع لستة شروط :
أحدها : أن يكون ما انتحلوه بتأويل سائغ .
والثاني : أن لا يدفعه إجماع منعقد .
والثالث : أن لا يفضي إلى القدح في الصحابة .
والرابع : أن لا يقاتل عليه ولا ينابذ فيه .
والخامس : أن لا يرى تصديق موافقه على مخالفه .
والسادس : أن تكون أفعالهم مرضية ، وتحفظهم في الشهادة ظاهر فهذا حكم ما تعلق بالآراء والنحل .
أحدها : ما ضل به .
والثاني : ما أخطأ فيه .
والثالث : ما ساغ له .
وأما الضرب الأول : وهو ما ضل به ، فهو أن يخالف فيه إجماع الخاصة دون العامة كالإجماع على أن لا ميراث لقاتل ، ولا وصية لوارث ، وأن لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ، فالمخالف فيه ضال يحكم بفسقه ورد شهادته .
وأما الضرب الثاني : وهو ما أخطأ فيه : فهو ما شذ الخلاف فيه وعدل المتأخرون عنه ، كاستباحة المتعة ، وبيع الدينار بالدينارين نقدا ، ومسح الرجلين ‘ في الوضوء ‘ .
وقطع [ يد ] السارق من المنكب ، فهذا خلاف شذ قائله ، وظهر فيه خطؤه ، ولأنه يتردد بين منسوخ كالمتعة ، وبين ما توالى فيه النقل الصحيح كالربا في النقد والنساء . وبين ما ضعف فيه التأويل وظهر عليه الدليل كمسح الرجلين وقطع السارق من المنكب ، فحكم بخطئه لظهور الدليل على فساده ، ولم يبلغ به حد الضلال للشبهة المعترضة في احتماله ، فيكون المخالف فيه على عدالته وقبول شهادته .
وأما الضرب الثالث : وهو ما ساغ الخلاف فيه على عدالته وقبول شهادته فهو مسائل الاجتهاد في العبادات والمعاملات والمناكح الذي لم يرد فيه حد وكان للاختلاف فيه وجه محتمل ، فلا يتباين فيه المختلفون ، ولا يتنابذ فيه المتنازعون ،