الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص173
فإن كان القدح سبا ، فسق به وعزر من أجله .
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من سب نبيا فقد كفر ومن سب صحابيا فقد فسق ‘ .
وليس من عاصر الرسول ( ص ) وشاهده كان من الصحابة وإنما يشتمل اسم الصحابة على من اجتمع فيه شرطان :
أحدهما : أن يتخصص بالرسول ( ص ) .
والثاني : أن يتخصص به الرسول ( ص ) .
فأما اختصاصه بالرسول ، فيكون من أمرين .
أحدهما : مكاثرته في حضره وسفره .
والثاني : متابعته في الدين والدنيا .
وليس من قدم عليه من الوفود ، ولا من غزا معه من الأعراب ، من الصحابة . لعدم هذين الشرطين فيهم .
وأما اختصاص الرسول به فيكون به بأمرين :
أحدهما : أن يثق بسرائرهم .
والثاني : أن يقضي بأوامره ونواهيه إليهم .
ولذلك لم يكن المنافقون من الصحابة لعدم هذين الأمرين فيهم فصار الصحابي من تكامل فيه ما ذكرناه . ومن أخل بها خرج منهم .
وإن كان القدح في الصحابة جرحا ينسب بعضهم إلى فسق وضلال نظر : فإن كان من أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله ( ص ) بالجنة ، صار باعتقاده لفسقه فاسقا مردود الشهادة .
وإن لم يكن من العشرة نظر : فإن كان من أهل بيعة الرضوان ، صار بتفسيق أحدهم فاسقا ؛ لأن الله تعالى أخبر بالرضى عنهم .
وإن لم يكن من أهل بيعة الرضوان نظر : فإن كان قبل تنازع الصحابة رضي الله عنهم في قتال الجمل وصفين ، صار بتفسيقه للصحابة فاسقا ‘ مردود الشهادة ‘ .
وإن كان قد دخل في تنازع أهل الجمل وصفين ، فقد اختلف أهل العلم من أصحابنا وغيرهم في تنازعهم هل نقلهم عن الحكم المتقدم فيهم أم لا ؟ على وجهين :