الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص167
احتجاجا بقوله تعالى : ( وجعل بينكم مودة ورحمة ) [ الروم : 21 ] . وذلك من موجبات الارتياب والتهمة .
وقالوا : ولأنه سبب لا يحجب من الإرث ، فوجب أن يمنع من الشهادة كالأبوة والبنوة .
قالوا : ولأن الميراث يستحق بنسب وسبب فلما كان في الأنساب ما يمنع من قبول الشهادة ، وجب أن يكون في الأسباب ما يمنع من قبول الشهادة .
وتحريره : أنه أحد نوعي ما يورث به فوجب أن يكون منه ما ترد به الشهادة كالنسب .
قالوا : ولأن اجتماعهما في المقام والظعن وامتزاجهما في الضيق والسعة ، واختصاصهما بالميل والمحبة ، قد جمع من أسباب الارتياب المانعة من قبول الشهادة . فوجب أن ترد به الشهادة .
ودليلنا عموم قوله تعالى : ( واستشهدوا شهيدين من رجالكم ) [ البقرة : 282 ] فوجب أن يكون على عمومه .
وروى مجالد عن الشعبي عن سويد بن غفلة أن يهوديا كان يسوق امرأة على حمار فنخسها فرمى بها ، فوقع عليها ، فشهد عليه زوجها وأخوها عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقبل شهادتهما . وقتله وصلبه .
وقال سويد بن غفلة : إنه لأول مصلوب صلب بالشام .
وليس لعمر مخالف في الصحابة مع انتشار القصة فثبت أنه إجماع لا مخالف له ولأن بينهما صلة لا توجب العتق فلم يمنع من قبول الشهادة ، كالعشيرة ولأنها حرمة حدثت عن صلة ، فلم تمنع من قبول الشهادة ، فآباء الزوجين وأبنائهما ولأنه عقد على منفعة فلم يوجب رد الشهادة كالإجارة .
ولأنه عقد معاوضة فلم يمنع من قبول الشهادة كالبيع .
فأما الجواب عن قوله تعالى : ( وجعل بينكم مودة ورحمة ) . فهو أن المودة لا توجب رد الشهادة كالأخوين وعلى أنه قد يحدث بينما تباغض وعداوة تزيد على الأجانب ، فلو جاز أن يكون هذا المعنى علة في المنع لفرق بين المتحابين والمتباغضين ولا فرق بينهما فبطل التعليل .
فأما الجواب عن تعليلهم بعدم الحجب عن الميراث ، قياسا على الآباء والأبناء فليس عدم الحجب عن الميراث علة في رد الشهادة ، لأننا نرد شهادة من لا يرث من