پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص164

ودليلنا قوله تعالى : ( ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا ) [ البقرة : 282 ] والريبة متوجهة إلى شهادة بعضهم بعضا لما جبلوا عليه من الميل والمحبة . ولذلك قال النبي ( ص ) ‘ الولد محزنة مجبنة مبخلة مجهلة ‘ .

وروي عنه ( ص ) أنه قال لعائشة رضي الله عنها ‘ يا عائشة فاطمة بضعة مني يريبني ما يريبها ‘ فدل على أن الولد بعض أبيه .

وقد قيل في تأويل قوله تعالى : ( وجعلوا له من عباده جزءا ) [ الزخرف : 15 ] أي ولدا فصارت الشهادة له كالشهادة لنفسه .

وروي عن النبي ( ص ) أنه قال لأبي معشر الدارمي : ‘ أنت ومالك لأبيك ‘ فصارت الشهادة بمال أبيه كالشهادة بمال نفسه .

وذكر الشافعي حديثا رواه عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ( ص ) قال : ‘ لا تقبل شهادة خائن ولا خائنة ولا محدود حدا ولا ذي غمر على أخيه ولا مجرب في شهادة زور ولا ظنين في قرابة ولا ولاء ولا شهادة القانع لأهل البيت ‘ ووصل بذلك ‘ ولا شهادة الولد لوالده ولا الوالد لولده ‘ ثم قال وهذا لا يثبته أهل النقل ، فإن ثبت هذا فهو نص . وإن لم يثبت ففي قوله : ‘ ولا ظنين في قرابة ‘ دليل على الوالد والولد .

وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه ‘ وهو لا يجوز أن يشهد لكسبه .

ولأن ورود النص بالمنع من شهادة الظنين وهو المتهم يوجب المنع من شهادة الوالد للولد لأنه متهم .

فأما الجواب عن الآية فمن وجهين :

أحدهما : أنها دالة على الشهادة عليهم لا لهم .

والثاني : أنه لما قرنها لنفسه في قوله ( شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين ) دل على خروجها مخرج الزجر ، أن يخبر على نفسه ، أو ولده بغير الحق .

ولا يمنع الدين والعدالة من رد الشهادة ، كشهادة السيد لعبده ومكاتبه . وأما إنكار علي عليه السلام على شريح ، فلأن شريحا وهم في الدعوى ؛ لأن عليا عليه السلام ادعى الدرع للمسلمين في بيت المال ، ولذلك استشهد بابنه الحسن ، ولم يدعها