پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص163

وقال مالك : لا تقبل شهادة الصديق الملاطف لصديقه ، وتقبل شهادة غير الملاطف ، لتوجه التهمة إليه بأن يشهد له بمال يصير إليه بالملاطفة بعضه . فصار جارا بها نفعا .

ودليلنا : هو أن المودة مأمور بها ، والهدية مندوب إليها . فلم يجز أن يكون ورود الشرع بها موجبا لرد الشهادة ، وبهذا المعنى فارق العدو لورود الشرع بالنهي عن العداوة .

ولأن ذوي الأنساب من الإخوة والأعمام قد يجوز أن ينتقل إليهم بالميراث فاشهدوا به وسائر أمواله ، ثم لا يمنع ذلك من قبول الشهادة . والصديق الملاطف لا يستحق الميراث فكان أولى أن يكون مقبول الشهادة .

ولا وجه لما ذكر من جواز عوده إلى الصديق بالهدية ، لأنه قد يجوز أن يهاديه [ ولا يهاديه ] ، ويجوز أن يموت قبل مهاداته ويجوز إذا هاداه أن يعدل إلى غيره من أمواله فلم يكن لتعليل المنع بهذا وجه والله أعلم .

( مسألة )

: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولا لولد بنيه ولا لولد بناته وإن سفلوا ولا لآبائه وأمهاته وإن بعدوا ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، ولا تقبل شهادة الوالد لمولديه به وإن سفلوا ، ولا شهادة الولد لوالديه وإن بعدوا .

وهذا قول مالك وأبي حنيفة وجمهور الفقهاء .

وقال أبو إبراهيم المزني وداود بن علي : شهادة الوالد لولده والولد لوالده جائزة .

وبه قال عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز احتجاجا بقوله تعالى : ( كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين ) [ النساء : 135 ] ولا يؤمر بالقسط في هذه الشهادة إلا وهي مقبولة ولأن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه حاكم يهوديا إلى شريح في درع ادعاه في يده فأنكرها . فشهد له ابنه الحسن عليه السلام فرد شهادته .

وقال : يا أمير المؤمنين ، كيف أقبل شهادة ابنك لك ؟

فقال علي عليه السلام في أي كتاب وجدت هذا ؟ أو في أي سنة . وعزله ونفاه إلى قرية يقال لها بالصفا ، نيفا وعشرين يوما ، ثم أعاده إلى القضاء ، ولأن الدين والعدالة يحجزان عن الشهادة بالزور والكذب .