الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص162
وأما الجواب عن عموم الآية فمن وجهين :
أحدهما : تخصيصها بأدلتنا .
والثاني : حملها على التحمل دون الأداء .
فأما الجواب عن قولهم أن الدين والعدالة يمنعان من الشهادة بالزور وهو أن هذا المعنى لما لم يبعث على قبول شهادة الوالد للولد لم يوجب قبول شهادة العدو على عدوه .
وأما الجواب عن قولهم : إن العداوة في الدنيا أسهل : فهو أن العداوة في الدين يبعث على العمل بموجبه فزالت التهمة فيه . والعداوة في الدنيا أغلظ للعدول بها عن أحكام الدين .
وإذا كان ذلك لم تقبل شهادة المقذوف على القاذف ولا المغصوب منه على الغاصب ولا المسروق منه على السارق وولي المقتول على القاتل والزوج على امرأته إذا زنت في فراشه ، إلى نظائر هذا .
وإذا منعت العداوة من الشهادة على العدو ، لم تمنع من الشهادة له ، لأنه متهوم في الشهادة عليه وغير متهوم في الشهادة له . لأن ما بعث على العداوة لا يكون جرحا تسقط به الشهادة .
ولأن الخصومة تؤول إلى العداوة ، والعداوة تمنع من قبول الشهادة ، ويجوز أن يشهد لخصمه وإن لم يشهد عليه . فلو شهد عليه ولا خصومة بينهما ثم قذف المشهود فلو عليه الشاهد فصار بالقذف خصما قبل الحكم بشهادته . لم ترد وجاز الحكم بها مع حدوث الخصومة والعداوة بخلاف حدوث الفسق قبل الحكم بالشهود . ولأن حدوث الخصومة والعداوة ليس بجرح يوجب رد الشهادة ، ولو منع حدوث ذلك . من الحكم بها لما صحت شهادة على أحد ، لأنه يقدر على إسقاطها بحدوث نزاع وخصومة وما أدى إلى هذا بطل اعتباره .