الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص159
والفرق بين الإسلام والحرية ، أنه يملك الإسلام إذا كان كافرا فملك الإقرار به . ولم يملك الحرية إذا كان عبدا فلم يملك الإقرار بها .
ويكون معنى قول الشافعي رضي الله عنه ، إلا بخبر منه : يعني من الحاكم ؛ لأن يجوز للحاكم أن يعمل بعلمه في أسباب الجرح والتعديل على القولين معا .
وكان بعض أصحابه يحمل الجميع على القولين في الجرح والتعديل ، هل الحكم يعمل فيهما بعلمه أم لا ؟ على قولين :
والفرق بينهما أولى لما ذكرناه من المعنى .
فأما قول الشافعي : ولا يقبل الشاهد حتى يثبت عنده بخبر منه أو بينة تشهد أنه حر . فقد اختلف أصحابنا في مراده بنفي القبول على وجهين :
أحدهما : لا تسمع الشهادة حتى يعلم حرية الشاهد وإسلامه فيسمعها ثم يسأل عن عدالته بظهور الحرية والإسلام ، وخفاء العدالة .
والوجه الثاني : لا يحكم بها حتى يعلم حريته وإسلامه ويجوز أن يسمعها قبل العلم بحريته وإسلامه كالعدالة والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح . لأن من شروط قبول الشهادة أن يخلو من التهم لقوله تعالى : ( ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا ) [ البقرة : 282 ] والتهمة ريبة .
وروى القاسم بن محمد عن ابن عمر أن النبي ( ص ) قال : ‘ لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين ولا ذي الإحنة ‘ فالخصم المنازع والظنين : المتهم . وذي الإحنة : العدو .
فمن المتهومين في الشهادة وإن كانوا عدولا ، من يجر بشهادته إلى نفسه نفعا ، أو يدفع عنها ضررا . فلا تقبل شهادته .
فمن جر النفع ، أن يشهد السيد لعبده أو مكاتبه ، لأنه مالك لمال عبده ، ومستحق أخذ المال من مكاتبه لجواز عوده إلى رقه .
ومنها أن يشهد الوكيل لموكله فيما هو وكيل فيه ، لجواز تصرفه فيه إذا ثبت ، فكان نفعا . وفي جواز شهادته له في غير ما هو وكيل فيه وجهان :