الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص156
فوجب أن يكون حكم الأغلب أصلا معتبرا في العدالة والفسق .
قال الماوردي : وقد تقرر بما ذكرنا أن العدالة في الشهادة معتبرة بثلاثة أشياء : بدينه ، ومروءته ، وأن يكون من أهلها .
فأما اعتبارها بدينه ، فيكون بثلاثة أشياء :
أحدها : أن يواظب على فعل الطاعات في العبادات والمعاملات .
والثاني : أن يجتنب كبائر الإثم والمعاصي من الزنا واللواط والقتل والغصب والسرقة وشرب الخمر .
والثالث : أن لا يصر على صغائر المعاصي ، وإصراره عليها الإكثار منها وقلة الانقباض عنها ، وهذا معتبر فيه باطنا وظاهرا ، وثبوته عند الحاكم قد يكون من وجهين :
أحدهما : أن يعلمه من حاله ، فيجوز أن يعمل فيه بعلمه سواء قيل للحاكم أن يحكم بعلمه أم لا . لأنها صفة إخبار تتقدم على الحكم .
والثاني : أن يجهل حاله فتثبت عدالته بالبينة العادلة على ما وصفنا في أدب القاضي . من أهل المعرفة الباطنة به .
ولا يجوز أن يحكم بعدالته بقوله : إنني عدل ، ويجوز أن يحكم بفسقه بقوله : إني فاسق . لأنه متهوم في التعديل وغير متهوم في الجرح ، لأن العدالة توجب له حقا والفسق يوجب عليه حقا .
وأما المعتبر منها ، فهو ظاهر في أفعال العدل . فإن عرفه الحاكم عمل فيها بمعرفته . وإن خفيت عليه سأل عنها . وهل تثبت عنده بخبر أو شهادة ؟ على وجهين :
أحدهما : لا تثبت عنده إلا بشهادة ، كالعدالة في الدين ، ولا تثبت إلا بشاهدي عدل قد جرياه على قديم الوقت وحديثه .
والوجه الثاني : أنها خبر تثبت بقول من يوثق به وإن كان واحدا ، لأن العدالة في الدين باعثة عليها . فقوي الخبر بها فأقنع .