پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص155

ولأن أفضل الناس الأنبياء وقد قال الله تعالى : ( وعصى آدم ربه فغوى ) [ طه : 121 ] .

وقال تعالى : ( وظن داود أنما فتنه فاستغفر ربه ) [ ص : 24 ] وقال : ( ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه ) [ يوسف : 24 ] وقال تعالى في يونس : ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) [ الأنبياء : 87 ] .

وقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ ما منا معاشر الأنبياء إلا من عصى الله أو هم بمعصية إلا أخي يحيى بن زكريا ‘ .

وقيل : إنه اختبر يحيى في كوز ماء رآه مملوءا وفرغ وهو لا يعلم .

وقيل له : ما في [ الكوز ] فقال : كان فيه ماء . ولم يقل فيه ماء فيكون كذبا فتحفظ حتى سلم .

ولأن أعصى خلق الله إبليس وقد كانت منه طاعة في قوله تعالى : ( فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ) [ ص : 82 ، 83 ]

وإذا لم يسلم أحد من الطاعة والمعصية ، لم يجز أن تكون العدالة مقصورة على خلوص الطاعات . ولا الفسق مقصورا على خلوص المعاصي . لامتناع خلوص كل واحد منهما . ولا اعتبار بالممتنع فوجب أن يعتبر الأغلب من أحوال الإنسان .

فإن كان الأغلب عليه الطاعة والمروءة . حكم بعدالته وقبول شهادته ، وإن عصي ببعض الصغائر ، وإن كان الأغلب عليه المعصية وترك المروءة ، حكم بفسقه ورد شهادته وإن أطاع في بعض أحواله .

قال الله تعالى : ( فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ) [ المؤمنون : 103 ، 102 ]

وقال الله تعالى : ( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ) [ البقرة : 219 ] .

فغلب حكم الأغلب كما غلب في الإباحة والحظر حكم الأغلب وفي استعمال الماء إذا اختلط بمائع .

وفي نكاح النساء إذا اختلطت بأخت إن كانت في عدد محصور ، حرمن عليه حتى تتعين له من ليست بأخت فتحل . وإن كانت في جم غفير حللن له حتى تتعين له من هي أخت فتحرم .