الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص152
وكان عمر رضي الله عنه يلبس المرقعة . ويهنأ بعيره بيده ويقوده .
وقد اشترى علي رضي الله عنه قميصا وأتى تجارا فوضع كمه وقال : اقطع ما فضل عن الأصابع ، فقطعه بفأس فقيل له : لو كففته ؟ فقال دعه يتسلل مع الزمان .
وعمل بالأجر في حائط وأجر نفسه من يهودية ليسقي كل دلو بتمرة .
وما فعله الرسول ( ص ) وأصحابه وجاز ، لا يجوز أن يكون قادحا في العدالة ، لأن المروءة مشتقة من المرء ، وهو الإنسان فصارت الإشارة بها إلى الإنسانية ، فانتفت العدالة عن من لا إنسانية فيه ، ولأن المروءة من دواعي الحياة .
والوجه الثاني : أن هذا الضرب من المروءة شرط معتبر في العدالة ، ولأن المروءة مشتقة من المرء وهو الإنسان ، فصارت الإشارة بها للإنسانية ، فانتفت العدالة عن من لا إنسانية فيه ، ولأن حفظ المروءة من دواعي الحياء . وإن كان لا يفسق به ، لأن العدالة في الشهادة للفضيلة المختصة بها ، وهي تالية لفضيلة النبوة .
قال الله تعالى : ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) [ النساء : 41 ] .
وقال الله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) [ البقرة : 143 ] .
وقال الله تعالى : ( والذين هم بشهاداتهم قائمون أولئك في جنات مكرمون ) [ المعارج : 33 ، 35 ] .
وما كان بهذه المنزلة من الفضيلة امتنع أن يكون مسترسلا في البذلة . وليس ما فعله الصدر الأول بذلة ، لأنه لم يخرج عن عرف أهله في الزهادة والانحراف عن الدنيا إلى الأخرة .
وقد روى أبو مسعود البدري عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ إن مما أدرك الناس من كلام النبوة إذا لم تستح فاصنع ما شئت ‘ .
ولأن إقدامه على البذلة والعدول عن الصيانة دليل على اطراح الصيانة والتحفظ في حق نفسه فكان أولى أن يقل تحفظه في حق غيره .
والوجه الثالث : أنه إن كان قد نشأ عليها من صغره لم تقدح في عدالته وإن