الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص149
ذات يوم وقال : أنا أثبت منك جنانا ، وأفصح منك لسانا ، وأهد منك سنانا فنزل فيه ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ) يعني بالمؤمن علي بن أبي طالب وبالفاسق الوليد بن عقبة . ( لا يستوون ) يعني في أحكام الدنيا ومنازل الآخرة .
وأما اسم العدل فهو العديل ، لأنه معادل لما جازاه والمعادلة المساواة . وهو في الشرع حقيقة فيمن كان مرضي الدين والمروءة لاعتداله .
وأما اسم الفاسق فهو في اللغة : مأخوذ من الخروج عن الشيء يقال : فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها . فسمي الغراب فاسقا لخروجه من مألفه وسميت الفأرة فويسقه لخروجها من جحرها .
وهو في الشرع حقيقة فيمن كان مسخوط الدين والطريقة لخروجه عن الاعتدال .
فالعدل في الشهادة من تكاملت فيه ثلاثة خصال :
إحداهن : أن يكون من أهلها ، وذلك بثلاثة أمور : أن يكون مكلفا ، حرا ، مسلما .
وليس عدم التكليف والحرية موجبا لفسقه وإن كان وجودهما شرطا في عدالته .
والخصلة الثانية : كمال دينه ، وذلك بثلاثة أمور :
أن يكون محافظا على طاعة الله تعالى في أوامره مجانبا لكبائر المعاصي غير مصر على صغائرها .
والكبائر : ما وجبت فيها الحدود وتوجه إليها الوعيد .
والصغائر : ما قل فيها الإثم .
قال الله تعالى : ( ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ) [ النساء : 31 ] .
وقال الله تعالى : ( الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم ) [ النجم : 32 ]
وفي هذه الكبائر لأهل التأويل أربعة أقاويل :
أحدها : ما زجر عنه بالحد .