الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص148
قال الماوردي : وإنما فصل المزني الشهادات كتابين ، أولا وثانيا ، لأن الأول متصل بالحكم فأضافه إلى أدب القاضي .
والثاني : في صفة الشاهد في القبول والرد أفرده عن الأول .
والمقبول الشهادة ، وهو العدل ، والمردود الشهادة هو الفاسق فأما قبول شهادة من العدل ، فلقوله تعالى : ( وأشهدوا ذوي عدل منكم ) [ الطلاق : 2 ] . ولقوله : ( ممن ترضون من الشهداء ) [ البقرة : 282 ] والرضا متوجه إلى العدل منتف عن الفاسق .
وأما التوقف عن شهادة الفاسق فلقوله تعالى : ( إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) [ الحجرات : 6 ] . والنبأ الخبر . وكل شهادة خبر وإن لم يكن كل خبر شهادة .
ولقوله تعالى : ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ) [ السجدة : 18 ] فالمنع من المساواة إذا أوجب قبول العدل أوجب رد الفاسق وقيل إن هاتين الآيتين في الفاسق نزلتا في الوليد بن عقبة بن أبي معيط .
وسبب نزول الآية الأولى فيه ، أن النبي ( ص ) أنفذه إلى قبيلة مصدقا فأخذ من صدقتها ، وكان بينه وبين القوم إحن ، فتوجه إليهم ، وعاد فأخبر رسول الله ( ص ) أنهم منعوه الصدقة ولم يمنعوه ، فهم بغزوهم حتى أنزل الله تعالى فيه إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا فكفى عنهم وعلم بحالهم .
وأما الآية الثانية فسبب نزولها : أنه استطال على علي بن أبي طالب عليه السلام