الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص146
ماله وتفرقته في الفقراء والمساكين ، فأنكروه ، ونكلوا عن اليمين ، لم يجز أن ترد اليمين على الوصي ، لأنه نائب ، ولا على الفقراء ، لأنهم لا ينحصرون .
وفي الحكم عليه بالنكول وجهان حكاهما أبو سعيد الإصطخري أيضا تعليلا بما ذكرنا .
فأما إذا ادعى الوصي حقا لطفل ، فأنكر المدعى عليه ذلك ، ونكل عن اليمين ، لم يحلف الوصي ولم يحكم بالنكول وجها واحدا ، وكان رد اليمين موقوفا على بلوغ الطفل ، لأن لرد اليمين وقتا منتظرا .
فأما ما أوجبناه في الزكاة بنكول رب المال ، فيما يدعيه من سقوطها عنه بعد ظهور وجوبها عليه ، فقد ذكرنا في مواضعه أنه حكم بالظاهر المتقدم دون النكول الطارىء والله أعلم .
وقال أبو حنيفة : رحمه الله كل ما لم يكن مالا ، ولا المقصود منه المال .
وذلك ثمانية أشياء : النكاح ، والطلاق ، والرجعة ، والفيئة في الإيلاء ، ودعوى الرق ، والاستيلاد ، والنسب ، والولاء ، والقذف .
ولا تجب اليمين فيه على المنكر ، ولا ترد فيه أيضا على المدعي ، فلو ادعى رجل على امرأة نكاحا ، فأنكرته ، فالقول قولها ، ولا يمين عليها .
ولو ادعت على زوجها طلاقا ، فأنكره ، فالقول قوله ، ولا يمين عليه ، بناء على أصله . وأن وجوب اليمين ليحكم عليه بالنكول ، ولا يحكم بالنكول فيما لا تصح إباحته ، فسقطت فيه اليمين ، واستدلالا بأن البذل لا يصح فيها ، والنكول بذل ، فلم يحكم فيها بالنكول ، ولم يستحق فيها اليمين قياسا على حدود الله المحضة .
ودليلنا : رواية ابن عباس أن النبي ( ص ) قال : ‘ البينة على المدعي ، واليمين على من أنكر ‘ ، فكان على عمومه ، ولأن النبي ( ص ) أحلف ركانة بن عبد يزيد حين طلق امرأته سهيمة البتة ، وأنه أراد بالبتة واحدة ، ولأن كل دعوى لزمت الإجابة عنها وجبت اليمين فيها كالقصاص ، ولأن حقوق الآدميين لا يمتنع فيها استحقاق اليمين اعتبارا بسائر حقوقهم .