الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص145
وأما الجواب عن استدلالهم بقول الرسول ( ص ) للحضرمي : ‘ لك يمينه ليس لك منه إلا ذاك ‘ . فهو أن خصمه كان باذلا لليمين ، وليس للطالب مع بذل اليمين إلا اليمين .
وأما الجواب عن استدلالهم بالبينة ، فهو أن البينة مستعملة في الإثبات دون النفي ، فلم تنقل إلى جنبة المدعى عليه ، لأنه ينفي بها ، ولا يثبت ، واليمين مستعملة في النفي والإثبات جميعا ، فجاز نقلها عن المدعى عليه إذا لم ينف بها إلى المدعي ليثبت بها .
وأما الجواب عن قوله : إن يمين المدعي من قوله كالدعوى ، فهو أن اليمين حجة تخالف القول ، كما أن يمين المدعى عليه . تخالف الإنكار ، وإن لم يكن الإنكار حجة ، فصارت يمين المدعي حجة ، وإن لم تكن دعواه حجة .
وأما الجواب عن قياسهم على تكرار الدعوى مرارا ، فهو أن تكرار الإنكار لما لم يكن حجة للمدعى عليه ، لم يكن تكرار الدعوى حجة للمدعي ، ولما كانت اليمين حجة للمدعى عليه جاز أن تكون حجة للمدعي . والله أعلم .
فأما ما تعذر فيه رد اليمين على المدعي ، فقد ذكر أبو سعيد الإصطخري مسألتين ، و لهما نظائر ، خرج الحكم فيها بالنكول على وجهين :
إحدى المسألتين فيمن مات ، ولا وارث له ، إلا كافة المسلمين ، فظهر في حسابه الموثوق به دين على رجل أنكره ، ونكل عن اليمين ، أو شهد به شاهد واحد لم تكمل به البينة إلا مع يمين ، فاليمين هاهنا في الرد ومع الشاهد متعذرة ، لأن المستحق له كافة المسلمين ، وإحلافهم جميعهم غير ممكن ، وإحلاف بعضهم غير متعين ، والإمام وإن تعين في المطالبة ، فهو نائب ، والنيابة في الأيمان لا تصح .
وإذا امتنع الرد في الأيمان بما ذكرنا ، ففي الحكم بالنكول وجهان حكاهما أبو سعيد الإصطخري :
أحدهما : يحكم بالنكول ، لأنه موضع ضرورة خرج عن حكم الإمكان .
والوجه الثاني : لا يحكم عليه بالنكول اعتبارا بموجب الأصل ، الذي تقدم تقريره ولكن يحبس حتى يحلف أو يعترف بالحق ، فهذه إحدى المسألتين .
والمسألة الثانية : في رجل ادعى على ورثة أن ميتهم وصى إليه بإخراج ثلثه من