الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص143
اليمين كامل ، وجب أن يجري على نكوله حكم الكمال ، ولم يقع به الفرق بين نكول الرجال ، والنساء ، فبطل به هذا التعليل .
فإن قيل : النكول عن اليمين يجري مجرى ترك الحق ، وبذل الأموال يصح ، فيثبت بالنكول ، وبذل الحدود والنفوس لا يصح ، فلم يثبت بالنكول .
قيل : النكول ترك للحجة ، وليس ببذل للحق ، ولو كان بذلا لثبت حكمه بالنكول الأول كسائر البذول ، وهم لا يثبتونه إلا بعد نكوله ثلاثا ، 7 فخرج عن صفة البذل ، فزال عنه حكم البذل ، ويتحرر من هذا المعنى قياسان :
أحدهما : أنه نكول لا يقضى به في القصاص ، فلم يقض به في الأموال كالنكول الأول .
والقياس الثاني : أنه حق لا يثبت بالنكول الأول ، فلم يثبت بالنكول الثالث كالقصاص .
ومنها : أن المدعى عليه لو سكت عن جواب الدعوى ، فلم يقر ، ولم ينكر لم يقض عليه بالنكول عند أبي حنيفة ، فكان إذا أنكر ونكل أولى أن يقضي عليه بالنكول لأمرين :
أحدهما : أن السكوت يحتمل الإقرار والإنكار لا يحتمل الإقرار .
والثاني : أن في سكوته امتناعا من أمرين : الجواب واليمين وفي نكوله امتناع من اليمين دون الجواب ، فكان امتناعه من أحدهما أخف حكما من امتناعه منهما ويتحرر من هذا الاستدلال قياسان :
أحدهما : أنه امتناع من لفظ وجب بالدعوى ، فلم يوجب الحكم بالدعوى كالثالث .
والثاني : أنه أحد لفظي ما وجب بالدعوى ، فلم يكن السكوت عنه موجبا للحكم بالدعوى كالجواب .
ومنها : أن يمين المنكر يقطع الخصومة ، ولا يسقط الحق ، لأن البينة لو قامت به بعد اليمين وجب ، فاقتضى ذلك أن يثبت بالنكول عنها ما كان منقطعا ، وهو بقاء الخصومة لا ثبوت الحق كما أن البينة لما كانت موجبة لثبوت الحق كان العدول عنها مانعا من سقوطه بها .