الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص136
لأن يمين الرد غير اليمين مع الشاهد ، لاختلاف السببين ، وافتراق المعنيين ، فلم يكن سقوط إحداهما موجبا لسقوط الأخرى .
وعلى هذا لو كان بالعكس ، وهو إذا نكل المدعي عن اليمين مع الشاهد ، فردت عليه اليمين بنكول المنكر المدعى عليه ، فأراد أن يحلف كان على ما ذكرنا من القولين :
أحدهما : لا يحلف تعليلا بأنه قد أسقط حقه من اليمين بالنكول .
والقول الثاني : يحلف تعليلا باختلافها في السبب والمعنى .
قال الماوردي : وهذا صحيح .
وقد قدمناه ، وقلنا : إذا نكل المدعى عليه عن اليمين وجب ردها على المدعي ، فأجاب المدعى عليه إلى اليمين بعد نكوله لم يستحلف ، وكان المدعي أحق باليمين لإثبات حقه ، لأنه قد استحقها بنكول خصمه ، فلم يكن للخصم إبطالها عليه فإن قيل : أفليس لو امتنع المدعي من إقامة البينة ، واستحق المدعى عليه أن يحلف لسقوط الدعوى عنه ، فلو أقام المدعي البينة كان له ، وأسقط بها يمين المدعى عليه ، فهلا كانا سواء ؟
قيل : لا يستويان ، لأن البينة تجوز أن تقام بعد يمين المدعى عليه ، فكان إقامتها قبل يمينه أولى ، لأن اليمين والبينة معا حق للمدعي ، فكان له الخيار في أيهما شاء ، وله الجمع بينهما إذا تقدمت اليمين ، وليس له الجمع بينهما إذا قدم البينة .
قال الماوردي : وهذه المسألة قد مضى نظائرها في جملة ما تقدم من قبل : وقلت : فإذا ادعى رجل على رجل دارا في يديه أنه اشتراها منه ، لم يخل حال المدعى عليه في الإنكار من أن يقول : ما له فيها حق ، أو يقول : ما اشتراها مني .
فإن كان جواب إنكاره أنه ما له فيها حق تمليك ، ولا غيره كان جوابه مقنعا ،