پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص134

( مسألة )

: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وإن حلف المدعى عليه أو لم يحلف فنكل المدعي فأبطلنا يمينه ثم جاء بشاهدين أو بشاهد وحلف مع شاهده أخذنا له حقه والبينة العادلة أحق من اليمين الفاجرة ‘ .

قال الماوردي : وصورتها في دعوى أحلف المنكر عليها ، ثم أحضر المدعي بعد اليمين بينة ، سمعت بينته في قول جمهور الفقهاء .

وقال ابن أبي ليلى : لا تسمع بينته على المدعى عليه بعد يمينه استدلالا بأن الحكم قد نفذ بسقوط الدعوى ، وبراءة الذمة ، فلم يجز أن ينقض بسماع البينة واستحقاق الدعوى .

ولأنه قد اعتاض عن الدعوى باليمين ، فلم يجز أن يجمع بين عوضين .

ودليلنا : ما رواه رجاء بن حيوة عن ابن عمر ، قال : اختصم رجال من حضرموت إلى رسول الله ( ص ) فقال : ‘ من حلف على يمين يقتطع بها مال امرىء مسلم لقي الله ، وهو عليه غضبان ‘ .

فموضع الدليل منه أنه لم يجعل اليمين مبرئة في الباطن ، وإن انقطعت بها المطالبة في الظاهر فإذا قامت بها البينة لزمت في الظاهر والباطن .

وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : البينة أحق من اليمين الفاجرة .

وقد روي هذا مسندا من طريق لا يثبت ، وهو صريح في موضع الخلاف ، وحجته أن وقف وأسند ، لأنه لم يظهر لعمر فيه مخالف ، ولأن الحق يثبت بالإقرار تارة ، وبالبينة أخرى .

فإذا لم تمنع اليمين من ثبوت الحق بالإقرار ، لم تمنع من ثبوته بالبينة ولو برىء باليمين لسقط بالإقرار ، وفيه جواب عن الاستدلال بالبراءة ، وتأخذ العوض باليمين ، لأن اليمين تسقط المطالبة ، ولا تبرىء من الحق ، ولذلك قال النبي ( ص ) : ‘ إنكم تختصمون إلي ، وإنما أنا بشر ، ولعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه ، فلا يأخذه ، فإنما أقطع له قطعة من النار ‘ .

( فصل )

: فإن قيل : فكيف يستحلف المدعى عليه مع إمكان البينة ، فإنما يستحلف مع عدمها .

قيل : للمدعي عند المطالبة باستحلاف المدعى عليه ثلاثة أحوال :