الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص132
قال الماوردي : وهذا صحيح ، وإنما شرط أن تكون الدعوى في غير دم ، لأن دعوى الدم مخالفة لدعوى المال من وجهين :
أحدهما : أنه يبدأ بيمين المدعي مع اللوث .
والثاني : أن يحلف في الدم خمسين يمينا .
وهذان الوجهان ممتنعان في دعوى الأموال .
فإذا كانت الدعوى في مال ، وأنكره المدعى عليه .
قيل للمدعي : ألك بينة ؟ فإن أقامها حكم له بها ، ولم يحلف المدعى عليه معها ، لقول النبي ( ص ) للحضرمي لما تحاكم إليه مع الكندي : ‘ ألك بينة ؟ ‘ قال : لا ، قال : لك يمينه ليس لك منه إلا ذاك ‘ . فقدم البينة على اليمين ، ولأن البينة حجة خارجة عن المحتج بها ، فانتفت التهمة عنها ، واليمين صادرة عن المحتج بها فتوجهت التهمة إليها ، وما عدمت التهمة فيه أقوى مما توجهت إليه .
وتقديم الأقوى على الأضعف أولى من تقديم الأضعف على الأقوى ؛ ولأن البينة قول اثنين ، واليمين قول واحد ، وقول الاثنين أولى من قول الواحد .
فإن لم يقم المدعي البينة ، فالقول قول المدعى عليه مع يمينه ، لأنه قد صار مع عدم البينة أقوى من المدعي ، لأن الدعوى إن كانت في دين يتعلق بذمته ، فالأصل براءة ذمته .
وإن كانت في عين بيده دلت اليد في الظاهر على ملكه ، وقيل للمدعي : قد وجبت لك عليه اليمين ، فأنت في استقضائها عليه مخير ، فإن أعفاه أمسك عن