الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص128
قال الشافعي : وهو حسن ، وعليه الحكام باليمن ، وهذا إنما استحسنه فيما تغلظ فيه اليمين بالمكان والزمان .
فأما إحلافه بالملائكة والرسل وما يعظم من المخلوقات ، فلا يجوز ، لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال : ‘ سمعني رسول الله ( ص ) وأنا أقول : وذمة الخطاب ، فضرب كتفي وقال : إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، فمن كان حالفا ، فليحلف بالله أو فليصمت ‘ . قال عمر : فما حلفت بها بعد ذاكرا ولا آثرا ، وفيه تأويلان :
أحدهما : عاهدا ، ولا ناسيا .
والثاني : قائلا ولا حاكيا .
فإن أحلفه الحاكم بشيء من المخلوقات ، فقد أساء وأثم ، ولا يتعلق بها حكم اليمين ، ولا يجوز أن يحلف أحدا بطلاق ولا عتق ولا نذر ، لأنها تخرج عن حكم اليمين إلى إيقاع فرقة ، والتزام غرم ، وهو مستبدع ، وقد قال الشاعر :
قال الشافعي : ومتى بلغ الإمام أن حاكما يستحلف الناس بالطلاق والعتاق عزله عن الحكم ، لأنه جاهل . والله أعلم بالصواب .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا وجبت اليمين على خصم في نفي أو إثبات ، فعجلها عند الحاكم قبل استحلافه ، لم تجزه ، ولم يتعلق بها الحكم المطلوب ، واستحلفه الحاكم عليها ، وإن تقدم سماعها منه ؛ لأمور منها : ما ذكره الشافعي من حديث ركانة أنه قال للنبي ( ص ) ‘ إني طلقت امرأتي البتة ، ووالله ما أردت إلا واحدة ، فقال له النبي ( ص ) : ‘ والله ما أردت إلا واحدة ‘ ؟ فردها عليه ، وإن سمعها منه ؛ لأنه قدمها قبل استحلافه .
ولأن من شرط اليمين استيفاء الحاكم لها ، لتكون على نية المستحلف دون الحالف ، وهذا الشرط معدوم في اليمين المتقدمة ، فلم يقع موقع الإجزاء .
ولأنها مؤقتة بعد نظر الحاكم واجتهاده ، فكان تقديمها في مجلسها كتقديمها في