پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص127

قال الماوردي : وهذا هو الأولى في صفة اليمين ، لأنها موضوعة للزجر ، فعدل بها عن معهود الأيمان ، فيما يكثرونه في كلامهم من لغو اليمين ، لأنه أبلغ في الزجر عنها ، وأمنع من الإقدام عليها .

وأولى الأيمان الزاجرة ما ذكره الشافعي أن يقول : والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية ، وقال في الأم ( الذي يعلم خائنة الأعين ، وما تخفي الصدور ) ، وهما سواء في المعنى ، وإنما كان ذلك أولى لأن نسقها إلى الرحمن الرحيم قد تضمنها القرآن ، وقوله : ‘ الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، تنبيها للحالف على علم الله بصدقه ، وكذبه ، فإن ذلك في إحلافه مما يفعله كثير من الحكام : بالله الطالب الغالب ، الضار ، النافع ، المدرك ، المهلك ، جاز ، وإن لم يكن في نسق تلاوتها في القرآن لما فيه من تنبيه الحالف على استدفاع مضاره ، واجتلاب منافعه ، ومن زجر الحالف أن يعظه الحاكم قبل إحلافه بقول الله تعالى : ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا . . . ) [ آل عمران : 77 ] وبقول النبي ( ص ) : ‘ من حلف يمينا كاذبة ، ليقتطع بها مال امرىء مسلم لقي الله ، وهو عليه غضبان ‘ .

وحكي أن رجلا قدم إلى الحاكم ، فهم باليمين ، فلما وعظه بهذا امتنع وأقر ، وقال : ما ظننت أن الحالف يستحق هذا الوعيد .

فإن اقتصر على إحلافه بالله أو بصفة من صفة ذاته ، كقوله : وعزة الله ، وعظمة الله ، جاز .

قد اقتصر رسول الله ( ص ) في إحلاف ركانة على أن أحلفه بالله ، لأنه من أعظم أسمائه ، وقيل : هو اسمه الأعظم ، وقيل : في تأويل قوله تعالى : ( هل تعلم له سميا ) [ مريم : 65 ] ، أي : من يتسمى بالله ، لأنه لم يتسم به أحد من المخلوقين ، وإن تسموا بغيره من أسمائه .

وشذ بعض أصحابنا ، فقال : لا يجزئه إحلافه بالله ، حتى يغلظها بما وصفنا ، ليخرج بها عن عادته ، ويعيدها الحاكم عليه مغلظة .

فأما إحلافه بالمصحف ، وما فيه من القرآن ، فقد حكى الشافعي عن مطرف أن ابن الزبير كان يحلف على المصحف ، قال : ورأيت مطرفا بضعا يحلف على المصحف .