الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص126
وذكر الأمر أولى من العلم ، لأنه قد يعلم أنه قبضها من لم يأمره ، فلا يبرأ به .
ثم يقول : ولا أحال بها عليه ولا بشيء منها ، ولا أبرأه منها ، ولا على شيء منها . وزاد الشافعي في ‘ الأم ‘ : ‘ ولا كان منه ما يبرأ به منها ، ولا من شيء منها ‘ يعني : من جناية عليه أو إتلاف لماله بقدر دينه ، ويقول : وإنها لثابتة عليه إلى وقت يمينه هذه .
فهذه ستة أشياء ذكرها الشافعي في اشتمال يمينه عليها ، اختص الشافعي بذكرها وإن لم يذكرها أكثر الفقهاء ، فلم يختلف أصحابه أن السادس منها ، وهو قوله : ‘ وإنها لثابتة عليه إلى وقت يمينه ‘ أنه استظهار ، وليس بواجب .
واختلفوا في الخمسة الباقية على وجهين :
أحدهما : وهو قول الأكثرين أنها واجبة لتشتمل على أنواع البراءات ، فينتهي بهما احتمال التأويل .
والوجه الثاني : أن هذا التفصيل استظهار ، ولو اقتصر في يمينه على أن قال : ما برىء إلي منها ، ولا من شيء منها ، لعم في الحكم جميع أنواعها من قبض وحوالة وإبراء ، وما يوجب الإبراء .
أحدهما : وهو ظاهر ما أطلقه الشافعي : أنها تشتمل على عموم أنواع البراءات في ذكر الأنواع الخمسة ، لأنها أنفى للاحتمال ، وهل تكون على الاحتياط أو على الوجوب ؟ على ما قدمناه من الوجهين .
والوجه الثاني : وهو أصح أن يمينه تكون مقصورة على النوع الذي ادعى البراءة به دون غيره ، لأن ما لم يذكره لم يتبرع به له ، وما لم يدعه لم يحلف عليه . والله أعلم .