الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص119
وليس على إحاطة علم بما نفاه عن غيره ، لتعذر التواتر فيه ، واستعمال المظنون من أخبار الآحاد ، فكانت اليمين فيها بحسب ما أداه إلى العلم بهما ، وهو يعلم نفي فعله قطعا ، ونفي فعل غيره ظنا ، فحلف فيما قطع به على البت ، وفيما استعمل فيه غلبة الظن على العلم ، فعلى هذا لو وجب إحلافه على البت ، فأحلفه الحاكم على العلم كانت يمينه غير مجزئة ، وهو في الحكم بها بمثابة من لم يحلف ، ويجوز للخصم أن يستأنف الدعوى عليه عند ذلك الحاكم ، أو عند غيره .
ولو وجب إحلافه على العلم ، فأحلفه الحاكم على البت أجزأت يمينه ، وثبت بها الحكم فيما حلف عليه ، لأن يمين البت أغلظ ، ويمين العلم أخف ، فجاز أن يسقط الأخف بالأعلى ، ولم يجز أن يسقط الأغلظ بالأخف ، ولئن حلف على البت في موضع العلم ، فإنها تؤول به إلى العلم لامتناع القطع منه .
أحدها : أن يدعي عليه دين في ذمته .
والثاني : أن يدعي عليه يمين في يده .
والثالث : أن يدعي عليه دين في ذمة أبيه .
والرابع : أن يدعي عليه عين في يد أبيه .
فأما الضرب الأول : وهو أن يدعي عليه دين في ذمته ، فهو على ضربين :
أحدهما : أن تكون الدعوى مطلقة لم يقترن بها ذكر السبب كقوله : لي عليه ألف درهم ، ولا يذكر سبب استحقاقها ، فهي دعوى صحيحة . ولا يلزم سؤاله عن سببها ، فإن سأله الحاكم كان مخطئا ، ولم تلزمه إبانة السبب ، لأن تنوع الأسباب لا يوجب اختلاف الحقوق ، فتكون يمين المدعى عليه إذا أنكرها على البت ، فيقول : والله ما له علي هذه الألف ، ولا شيء منها بوجه ، ولا سبب .
وقوله : ولا شيء منها ، شرط مستحق في يمينه ، لأنه ربما كان عليه بعضها ، فهو إذا حلف أنها ليست عليه بر في يمينه ، وإن وجب عليه باقيها ، وقوله : ‘ بوجه ولا سبب ‘ تأكيدا فإن أغفله جاز .
ولو قال : والله إنه لا يستحق علي شيئا كان مجزئا ، ولم يلزمه أن يزيد عليه في