الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص115
أحلفهم في الحجر ، قيل : إنما فعلا ذلك في حق السياسة المعتبرة بالرأي والمصلحة ، ولم ينقلا في حق المستحلف .
فإن لم يكن في بلد الحالف حاكم يغلظ اليمين إذا استحلف جاز نقله لليمين ، وتغليظها إلى بلد يقصر عن مسافة يوم وليلة ، ولم يجز نقله إلى ما زاد ، لأن لا يبلغ سفر القصر ، واستناب حاكم البلد البعيد من يستحلفه ، ويغلظ يمينه من أهل بلده إذا كان من بلاد عمله .
قال الماوردي : وهذا صحيح يحلف الكفار في الحقوق بالله تعالى كما يحلف المسلمون إذا جرى عليهم أحكام الإسلام بذمة أو بجزية :
وهم ضربان : مقر بالله تعالى ، وجاحد له .
فأما المقر به فضربان : أهل الكتاب ، وغير أهل كتاب .
فأما أهل الكتاب ، فاليهود والنصارى ، وقد أجرى المسلمون المجوس مجراهم ، لقول النبي ( ص ) ‘ سنوا بهم سنة أهل الكتاب ‘ .
ويستظهر عليهم في اليمين بالله بما ينفي عنه احتمال التأويل ، وتغلظ الأيمان عليهم بالمكان والزمان كما تغلظ على المسلمين ، فإن كان الحالف يهوديا أحلفه الحاكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى .
وإن رأى أن يزيد على هذا ، فيقول : الذي نجى موسى وقومه من اليم ، وأغرق فيه فرعون وقومه ، فعل . وهذا في كل يمين وجب تغليظهما أو لم يجب ، ليزول الاحتمال عن اسم من يخلف به ، وليخرج عن المألوف من لغو أيمانهم كما يحلف المسلم بالله الطالب الغالب ، فيما يجب تغليظه ، وفيما لا يجب .
فإن كانت يمين اليهود يجب تغليظها بالمكان والزمان ، ومكان تغليظها كنائس اليهود ، لأنهم يرونها أشرف بقاعهم ، وإن لم يرها المسلمون كذلك .
وأما تغليظها بالزمان ، ففي وقت أشرف صلواتهم عندهم ، ولا يحلفهم بما لا