الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص113
وأيمانهم ثمنا قليلا ) [ آل عمران : 77 ] وبقول النبي ( ص ) : ‘ من حلف يمينا فاجرة ، ليقتطع مال امرىء مسلم لقي الله يوم يلقاه ، وهو عليه غضبان ‘ .
فأما الإحلاف بالمصحف تغليظا ، فقد كان ابن الزبير يفعله ، وقد حكاه الشافعي عن بعض قضاتهم استحسانا ، وليس بمستحب عنده ، وإن أجازه لقول النبي ( ص ) : ‘ من كان حالفا ، فليحلف بالله أو ليصمت ‘ ، وهل يجزىء الحلف به عن الحلف بالله ؟ على وجهين :
أحدهما : يجزىء ، ويسقط به وجوب اليمين ، لاشتراكهما في الحنث بهما ، ووجوب التكفير فيهما .
والوجه الثاني : لا يجزىء ، ولا يسقط به وجوب اليمين ، لأن من الفقهاء من لا يعلق عليه حنثا ، ولا يوجب به تكفيرا .
أحدها : لا تجزىء اليمين بتركه ، وهو العدد فيما يستحق فيه العدد من القسامة واللعان .
والقسم الثاني : ما تجزىء اليمين بتركه ، وهو الألفاظ المضافة إلى اسم الله ، تعالى وما سوى المكان والزمان .
والقسم الثالث : ما اختلف في إجزاء اليمين بتركه ، وهو التغليظ بالمكان والزمان ، وفي إجزائها للشافعي قولان :
أحدهما : تجزىء ، كذلك التغليظ باللفظ .
والثاني : لا تجزىء كترك التغليظ بالعدد .
وفرق أبو حامد الإسفراييني بين التغليظ بالمكان والزمان ، وجعل اليمين بترك الزمان مجزئة وبترك المكان على قولين ، وجمهور أصحابنا على التسوية بين الأمرين .
ويستوي في تغليظ اليمين أن يستحلف بها المدعى عليه إذا أنكر ، أو يستحلف بها المدعي إذا ردت عليه ، أو إذا أقام شاهدا ، ليحلف معه ، فإن كانت على الحالف يمين متقدمة أن لا يحلف في مكان التغليظ من مكة أو المدينة وأن لا يحلف في زمان