الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص85
واحد منهما بدل عن الآخر يكون مستحقه مخيرا في أحدهما فإذا امتنع استحقاقهما ، وثبوت الخيار فيهما امتنع وجوب أحدهما . وهذان الأمران معدومان في السرقة لجواز ثبوت الغرم دون القطع ، وثبوت القطع دون الغرم .
وقد أوضح الشافعي ذلك بمثال ضربه في رجل ادعى عبدا في يد رجل غصبه عليه ، فحلف المدعى عليه بالعتق والطلاق أنه ما غصبه العبد الذي ادعاه ، فإن أقام مدعي الغصب شاهدين حكم على المدعى عليه بالغصب ، وحكم عليه بالحنث في الطلاق ، والعتاق ، ولو أقام عليه شاهدا وامرأتين أو شاهدا ويمينا حكم عليه بالغصب ، ولم يحكم عليه بالحنث في الطلاق والعتاق ، ولأن الغصب مال ، والطلاق والعتق ليسا بمال .
فإن ادعيت هذه الجناية على إنسان فأنكرها ، وأقام مدعيها شاهدا ويمينا ، فإن كان العمد مما يسقط فيه القود ، لأنه من والد على ولد ، ومن حر على عبد أو من مسلم على كافر ثبتت الجنايتان معا ، بالشاهد واليمين ، لاجتماعهما في وجوب الدية دون القود ، فإن كان العمد موجبا للقود لم يثبت حكم العمد بالشاهد واليمين ، وفي وجوب الخطأ بالشاهد واليمين في هذا الموضع قولان :
أحدهما : يثبت به حكمه ، لاختصاصه بالمال .
والقول الثاني : لا يثبت به حكمه ، لأنه حدث عن عمد سقط حكمه ، فسقط به حكم ما حدث عنه ، والأول أصح لجواز انفراد كل واحد منهما بحكمه .