الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص82
أحدهما : ما يحدث في التركة من النماء قبل قضاء الدين ، كالثمرة ، والنتاج وأجور العقار ، وكسب العبيد ، يكون ملكا للورثة على قول من جعلهم مالكين للتركة ، لا يتعلق به قضاء الدين ويكون مضموما إلى التركة على قول من جعلهم غير مالكين لها في قول من جعلها باقية على ملك الميت ليتعلق بها قضاء الدين .
والثاني : ما يجب فيه من زكاة الأعيان وفطرة العبيد ، ونفقاتهم تكون على الورثة في قول من جعلهم مالكين للتركة ، وتكون في التركة على قول من لم يجعلهم مالكين للتركة .
واستدل من جعل الدين مانعا من ملك الورثة للتركة ، إلا بعد قضائه بقول الله تعالى : ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) إلى قوله تعالى : ( من بعد وصية يوصي بها أو دين ) [ النساء : 11 ] ، ولأنه لو كان في التركة أب الوارث لم يعتق عليه قبل قضاء الدين ، مثل أن يكون الميت ملك عمه ، وخلف ابن عمه حرا ، وأباه مملوكا فلا يعتق على أبيه حتى يقضي الدين ، فيعتق عليه .
ولو دخل في ملكه قبل قضائه ، أعتق عليه ، وهذا دليل يمنع من دخول التركة في ملك الورثة قبل قضاء الدين . والدليل على انتقال الملك إلى الورثة قبل قضاء الدين ، أنه لما كان للورثة منع الغرماء من أعيان التركة ، وقضاء الديون من أموالهم ، دل ذلك على دخولها في ملكهم ، ولأنه الورثة لو لم يملكوا التركة إلا بعد قضاء الدين ، لوجب إذا مات وخلف ابنين ، ومات أحدهما وخلف ابنا ، ثم قضى الدين أن تكون التركة ، للابن الباقي دون ابن الابن .
وفي انعقاد الإجماع على أنهما تكون للابن وابن الابن اعتبارا بموت المورث دليل على انتقال التركة إليهم بموته ، ولأنه لما كان الورثة أحق باقتضاء ديونه من الغرماء ، وكانوا أولى بالتصرف في التركة منهم ، وهم لا يتصرفون إلا بحكم الملك ، دل على انتقالها إلى ملكهم .
وأما الجواب عن قوله تعالى : ( من بعد وصية يوصي بها أو دين ) فهو محمول على المنع من التصرف في حقوق أنفسهم إلا بعد قضائه .
وأما الجواب عن العتق ، فهو أن الدين قد أوقع حجرا عليه كحجر المرتهن وذلك مانع من العتق مع استقرار الملك كالرهن .