الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص79
أحدها : أن يحلفوا جميعا مع شاهد منهم ، فيستحقوا بأيمانهم مع شاهد منهم ما ادعوه من الدين ، والوصية لأنهما من حقوق الأموال المحكوم فيها بالشاهد واليمين ، ويكون الدين مقسوما بينهم على قدر مواريثهم . فأما الوصية فلا يخلو حالهم فيها من أحد أمرين :
أحدهما : أن يدعوا أن ميتهم قبلها قبل موته ، فتكون الوصية بينهم على قدر مواريثهم ، لأن ميتهم قد ملكها بقبوله ، فصارت كسائر أمواله الموروثة عنه .
والثاني : أن يذكروا أنه لم يقبلها ، وأنهم القابلون لها بعد موته ، ففي كيفية استحقاقهم لها بعد أيمانهم قولان :
أحدهما : تكون بينهم بالسوية ، إذا قيل : إن الوصية تملك بالقبول لأن من حكم الوصية أن يتساوى فيها أهل الوصايا ، فيكون للوارثين عن ميتهم حقه من القبول ، فيصيروا هم المالكين لها بالقبول من غير أن تدخل في ملك ميتهم . فعلى هذا لو كان على أبيهم دين لم يقض منهما .
والقول الثاني : تكون بينهم على قدر مواريثهم ، إذا قيل : إن القبول يبنى على ملك سابق ، من حين مات الموصي فيكون قبولهم موجبا لدخولها في ملك ميتهم ، ثم ملوكها عنه بالميراث فصاروا فيها على قدر مواريثهم ، فعلى هذا لو كان على أبيهم دين قضي منها .
فإن قيل : فهلا استحقوا النصف ، لأن لهم نصف البينة ، قيل : البينة لا تتبعض في الاستحقاق لأن كل جزء من الحق لا يستحق إلا بكمال البينة ، فلم يجز أن يستحق بعضه ببعض البينة ، فإن مات الورثة وأراد ورثتهم أن يحلفوا مع شاهدهم فهو على ضربين :
أحدهما : أن يكون امتناعهم من الأيمان ، لنكولهم عنها ، فلا يجوز لورثتهم أن يحلفوا بعد موتهم ، لأنهم قد أسقطوا حقوقهم من الأيمان بنكولهم .
والضرب الثاني : أن يكونوا قد توقفوا عن الأيمان ليحلفوا بها من غير نكول عنها ، فيجوز لورثتهم أن يحلفوا بعد موتهم ، ويستحقوا ما كان لهم لأن حقوقهم من الأيمان لم تسقط بالتوقف ، إنما تسقط بالنكول ، وليس التوقف نكولا .