پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص75

القدرة عليها ، إلى إحلاف المدعى عليه ، عند إنكاره لم يمنع ، لأن البينة حق له ، وليست بحق عليه ، فلو أقام شاهدين ثم طلب أن لا يحكم له بهما ، ويحلف المدعى عليه ، أجيب إلى إحلافه ، فلو منع من إحلافه وطلب الحكم عليه ببينة أجيب إلى الحكم بها ، وقطعت اليمين على المدعى عليه ، ولو أقام شاهدا واحدا ، وامتنع من اليمين معه ورضي بإحلاف المنكر ، ثم رجع عن استحلافه ليحلف مع شاهده ، لم يكن له ذلك ، لأنه قد أسقط حقه من اليمين بما طلبه من إحلاف المنكر كما لم يكن للمنكر إذا نكل عن اليمين أن يرجع في ردها على المدعي ليحلف على إنكاره لإسقاطها في حقه بردها على خصمه ، وخالف البينة الكاملة التي لا يسقط حقه منها بطلب اليمين لأنها لا تنقل عنه إلى غيره ، فإن لم يحلف المدعي مع شاهده ، وطلب إحلافه المنكر ، أجيب إلى إحلافه ، فإن حلف برىء ، ولم يكن للشاهد تأثير ، وإن نكل عن اليمين لم يحكم عليه بالشاهد الواحد مع نكول المنكر وقال مالك : أحكم عليه بالشاهد الواحد ، مع نكوله ، ولا أحلف المدعي وإن وافق على أن لا يحكم بالنكول إلا مع يمين المدعي ، استدلالا بأن النكول كالشاهد ، فإذا انضم إلى شاهد ، صار كالشاهدين فلم يحتج معهما إلى يمين الطالب .

وهذا فاسد ، لأن الشاهد في الأموال كاللوث في الدماء ، فلما لم يحكم باللوث مع عدم الأيمان ، لم يحكم بالشاهد مع عدم اليمين ، ولا وجه لجعل النكول كالشاهد ، لأن الشاهد مثبت ، والناكل ناف فتضادا .

( فصل )

: فإذا ثبت أنه لا يحكم على الناكل بالنكول مع الشاهد ، لم يكن للمدعي أن يحلف مع شاهده ، لإسقاط حقه من تلك اليمين بردها ، على المنكر ، فإن طلب أن يرد عليه اليمين التي نكل عنها المنكر ، ففي جواز ردها عليه قولان :

أحدهما : لا يجوز أن ترد عليه ، لأنه قد أسقط حقه منها بردها على المنكر ، فلم تعد إليه بعد سقوطها .

والقول الثاني : وهو أصح ، أنه ترد عليه هذه اليمين المستحقة بالنكول ، وإن لم ترد عليه هذه اليمين المستحقة مع الشاهد ، لاختلاف موجبهما فلم يكن سقوط حقة من إحداهما موجبا لسقوطه من الأخرى ، مع اختلافهما في السبب الموجب ، وليس التوقف عن اليمين مع الشاهد نكولا ، حتى يحكم الحاكم بنكوله فيها ، بعد توقفه فإذا تقرر هذان القولان :

فإن قلنا بالأول أن يمين النكول ترد على المدعي ، عرضت عليه ، فإن حلف استحق ما ادعاه بيمينه لا بشاهده ، وإن نكل سقط حقه من اليمين بعد حكم الحاكم بنكوله فيها بعد توقفه وليس له أن يحكم بنكوله إلا أن يسأله المدعى عليه ، أن يحكم