الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص69
وبرواية ابن عباس : أن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ البينة على المدعي ، واليمين على من أنكر ‘ .
فخص المدعي بالبينة ، والمنكر باليمين .
وبرواية سماك عن علقمة بن وائل بن حجر عن أبيه أن رجلا من كندة ، ورجلا من حضرموت أتيا رسول الله ( ص ) فقال الحضرمي : يا رسول الله ، إن هذا غصبني أرضي ، ورثتها من أبي ، وقال الكندي : أرضي وفي يدي ، أزرعها لا حق له فيها ، فقال النبي ( ص ) للحضرمي : ‘ ألك بينة ‘ ، قال : لا ، قال : ‘ لك يمينه ‘ ، فقال الحضرمي : إنه فاجر ، لا يبالي على ما حلف ، إنه لا يتورع من شيء ، فقال النبي ( ص ) : ‘ ليس لك منه إلا ذاك ‘ فدل على أن ما عدا البينة لا يستوجب به حقا ، ولأن البينة موضوعة لإثبات الدعوى ، واليمين موضوعة لإنكارها ، فلما لم تنقل البينة إلى نفي المنكر ، وجب أن لا تنقل اليمين إلى إثبات المدعي .
وتحريره قياسا : أنها حجة لأحد المتنازعين ، فلم يجز أن تنقل إلى خصمه كالبينة .
ولأن نقصان العدد المشروع في البينة يمنع من الحكم بها كاليمين مع المرأتين .
ولأنه لو كانت يمين المدعي مع شهادة الشاهد تقوم مقام شاهد لما قبلت فيه يمين عبد ولا فاسق ، وفي إجازتكم ليمين العبد والفاسق ما يمنع أن تقوم اليمين مقام الشاهد ، ولأنه لو قامت يمينه مقام شاهد لما ترتب بعد شهادة الشاهد ، لأن الشاهدين لا يترتبان ، ويجوز تقديم كل واحد منهما على صاحبه ، وفي قولكم : إن يمينه لا تقبل إلا بعد الشاهد دليل على أنها لا تقوم مقام شاهد .