الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص66
شهادتهما ، وأن الجام لصاحبهم فنزلت فيهم هاتان الآيتان ، فعند ذلك ، قال النبي ( ص ) ‘ سافروا مع ذوي الجدود والمسيرة ‘ .
واختلف في حكم هاتين الآيتين ، هل هو منسوخ أو ثابت ؟ فقال ابن عباس : حكمها منسوخ .
وقال الحسن البصري : حكمهما ثابت ، وقد تجاوزنا بتفسير هاتين الآيتين حد الجواب ليعرف حكمهما ، وليس مع هذا الاختلاف دليل فيهما ، فإن استدل من نصر مذهب داود بما رواه غيلان عن إسماعيل بن أبي خالد عن سفيان عن عامر الشعبي ، قال : شهد رجلان نصرانيان من أهل دقوقاء على وصية مسلم ، وأن أهل الوصية أقرا بهما أبا موسى الأشعري ، فاستحلفهما بالله بعد العصر ما اشترينا ثمنا ، ولا كتمنا شهادة بالله ، إنا إذا ، لمن الأثمين ، ثم قال أبو موسى ، والله إن هذه لقضية ما قضي بها منذ مات رسول الله ( ص ) قبل اليوم .
قيل : هذا خلاف بين الصحابة ، فلم يحج بعضهم بعضا ، لا سيما والأكثرون على خلافه .
ثم هذه قضية في عين يحتمل أن يكون لها تأويل ، فامتنع أن يكون فيها دليل .
وأما الجواب عن استدلالهم بحديث جابر أنه أجاز شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض فهو أنه أراد بالشهادة اليمين كقوله تعالى : ( اتخذوا أيمانهم جنة ) [ المنافقون : 2 ] ، وكما قال في المنافقين : ( قالوا : نشهد إنك لرسول الله ) [ المنافقون : 1 ] أي : نحلف .
وأما الجواب عن رجم الزانيين اليهوديين : فهو أنه لم يرو أنه قبل شهادة اليهود ، ويجوز أن يكون الشهود مسلمين ، أو حصل مع شهادة اليهود اعتراف الزانيين .
وأما الجواب عن استدلالهم بصحة ولايتهم : فهو أن الولاية خاصة فخف حكمنا ، لما يراعى فيها عدالة الظاهر دون الباطن ، ويراعى في الشهادة عدالة الظاهر والباطن ، فلذلك ردت شهادة الكافر ، وإن صحت ولايته .