الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص64
وفي قوله : ( اثنان ذوا عدل منكم ) [ المائدة : 106 ] تأويلان :
أحدهما : يعني من المسلمين ، وهو قول ابن عباس ، ومجاهد .
والثاني : يعني : وصي الموصي ، وهو قول الحسن ، وسعيد بن المسيب وفيهما قولان :
أحدهما : أنهما شاهدان يشهدان على وصية الموصي .
والثاني : أنهما وصيان وليه ، ولأبي حنيفة وداود دليل على التأويلين الآخرين ، وإن جاز أن يكون لهما دليل على التأويلين الأولين .
وقوله تعالى : ( أو آخران من غيركم ) فيه تأويلان :
أحدهما : من غير دينكم من أهل الكتاب ، وهذا قول ابن عباس وأبي موسى الأشعري ، وشريح ، وسعيد بن جبير .
والثاني : من غير قبيلتكم وعشيرتكم ، وهذا قول الحسن ، وعكرمة ، والزهري ، وليس لهما فيهما على هذا التأويل دليل ، وإن جاز أن يكون لهما على التأويل الأول دليل .
وفي هذا الموضع قولان :
أحدهما : إنها على التخيير في اثنين منا ، أو آخرين من غيرنا .
والثاني : إنها لغير التخيير ، وأن معنى الكلام ، أو آخران من غيركم إن لم تجدوا منكم ، وهذا قول ابن عباس ، وشريح ، وسعيد بن جبير ( إن أنتم ضربتم في الأرض ) [ المائدة : 106 ] يعني سافرتم ‘ فأصابتكم مصيبة الموت ‘ ، وفي الكلام محذوف ، وتقديره ، وقد أسندتم الوصية إليهما .
وقوله : ( تحبسونها من بعد الصلاة ) [ المائدة : 106 ] أي تستوثقوا بهما للأيمان ، وهذا خطاب للورثة ، وفي هذه الصلاة قولان :
أحدهما : من بعد صلاة العصر ، وهذا قول شريح وسعيد بن جبير .
والثاني : من بعد صلاة أهل دينهما وملتهما من أهل الذمة ، وهذا قول ابن عباس ، والسدي . ( فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ) [ المائدة : 106 ] فيها قولان :
أحدهما : إن ارتبتم بالوصيين في الخيانة أحلفهما الورثة .
والثاني : إن ارتبتم بالشاهدين في العدالة ، والجرح أحلفهما الحاكم .