پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص59

والدليل على رد شهادته ، قول الله تعالى ( وأشهدوا ذوي عدل منكم ) [ البقرة : 282 ] وهذا الخطاب متوجه إلى الأحرار ، لأنهم هم المشهدون في حقوق أنفسهم ، وقوله ( ذوي عدل منكم ) يبقى دخول العبيد فيهم ، ولأن الشهادة موضوعة على المفاضلة ، لأن الرجل فيها كالمرأتين ، فمنعت المفاضلة ، من مساواة العبد فيها للحر كالقضاء في الولايات ، والحج والجهاد ، في العبادات ، وكالتوارث في الممتلكات ، ولأن نقص الرق يمنع كمال الشهادة لوروده من جهة الكفر المانع من قبول الشهادة .

وأما الجواب عما استدلوا به من قول الله تعالى ( من رجالكم ) فمن وجهين :

أحدهما : تخصيص عمومها بما ذكرناه .

والثاني : أنه محمول على حال تحمل الشهادة ، دون أدائها وأما الجواب عن اعتبار شهادته بقبول خبره ، فهو أن الخبر أوسع حكما من الشهادة لقبول الواحد في الخبر ، وانتقاله بالعنعنة عن واحد بعد واحد ، وهذا ممتنع في الشهادة ، فكذلك في الرق .

( مسألة )

: قال الشافعي رضي الله عنه : وقوله ( شهيدين من رجالكم ) يدل على إبطال قول من قال تجوز شهادة الصبيان في الجراح ما لم يتفرقوا فإن قال أجازها ابن الزبير فابن عباس ردها ‘ . قال الماوردي : قد ذكرنا أن البلوغ شرط في قبول الشهادة ، فلا تقبل شهادة الصبيان بحال في قليل ولا كثير من مال ، ولا جراح وهو قول الجمهور .

وقال مالك : تقبل شهادة الصبيان بعضهم على بعض في الجراح دون غيرها ما لم يتفرقوا ، فإن تفرقوا لم تقبل .

وبه قال عبد الله بن الزبير .

وحكي عن الحسن البصري أنه أجاز شهادتهم في الموضحة ، والسن فما دون ، ولم يجزها فيما زاد ، احتجاجا بقضاء عبد الله بن الزبير بشهادتهم في الجراح ما لم يتفرقوا .

قال ابن أبي مليكة : فخالفه عبد الله بن عباس ، وصار الناس إلى قضاء عبد الله بن الزبير ، فكان إجماعا ، ولأن الشهادة معتبرة بحال الضرورة ، كما أجيزت شهادة النساء المنفردات في الولادة ، لأنها حالة لا يحضرها الرجال ، كذلك اجتماع الصبيان في لعبهم ، وما يتعاطون من رميهم لا يكاد يحضرهم الرجال ، فجاز للضرورة أن تقبل