الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص54
وأما المطلوب للشهادة عليه فهو مأمور بالإجابة من وجهين :
أحدهما : في تصحيح العقد بحضوره .
والثاني : في الوثيقة بتحمله ، فإن كان من أهل العدالة الظاهرة تفرد حضوره بتصحيح العقد ، وإن كان من أهل العدالة الباطنة جمع بحضوره بين تصحيح العقد وتحمله ، وإن كانت الشهادة في مندوب إليه كالبيع كان مطلبها مندوبا إليها ، والمطلوب لها مندوبا إلى الحضور ، لأنه في العقد على حكم الطالب ، وفي الوثيقة مخالف لحكم الطالب فيصير داخلا في فرض الوثيقة ، وكان خارجا من فرض العقد .
وإذا كانت الشهادة على دين فهي وثيقة محضة طالبها مخير في طلبها ، والمطلوب بها داخل في فرض تحملها .
والوجه الرابع : أنها تتفرع بأن يختلف حكمها بوجود المضارة وعدمها ، ووجود الأعذار وعدمها . وعلى هذا الوجه يكون التفريع .
أحدهما : أن المضارة أن يكتب الكاتب ما لم يمل عليه ، ويشهد الشاهد بما لم يستشهد ، وهو قول الحسن ، وطاوس ، وقتادة .
والثاني : أن المضارة أن يمتنع الكاتب أن يكتب ، ويمتنع الشاهد أن يشهد ، وهو قول ابن عباس ، ومجاهد ، وعطاء .
والثالث : أن المضارة أن يدعي الكاتب والشاهد وهما مشغولان معذوران ، وهو قول عكرمة ، والضحاك ، والسدي ، والربيع .
ويحتمل عندي تأويلا رابعا : أن تكون المضارة أن يدعي الكاتب أن يكتب بالباطل ، ويدعي الشاهد أن يشهد بالزور فهذا ما اختلف فيه أهل العلم من تأويل الآية .
فإن كانت المضارة في حق الشاهد فهي على ضربين :
أحدهما : أن يتعلق بالإجابة مأثم ، وذلك من وجهين :
أحدهما : أن يسأله المشهود له أن يزيد في الحق .
والثاني : أن يسأله المشهود عليه أن ينقصه من الحق ، فلا يسع الطالب أن يسأل ولا يسع الشاهد أن يجيب ، وكل واحد منهما آثم إن فعل .