پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص53

والحال الرابعة : أن يكون الشاهد ممن لا يرى الحكم بالشاهد واليمين ، والحاكم ممن يرى الحكم به ، فعلى الشاهد أن يشهد ، لأنه وإن كان ممن لا يرى ذلك فهو يعتقد أن ما يشهد به حق واجب ، وإن كان في التزام الحكام غير واجب ، والإلزام معتبر باجتهاد الحاكم دون اجتهاد الشاهد ، وهكذا لو كان مع الشاهد امرأتان ، فيما اختلف فيه الحكم بالشاهد والمرأتين ، كان معتبرا بهذه الأحوال الأربعة .

( مسألة )

: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ثم تتفرع الشهادات ( قال الشافعي ) قال الله عز وجل ( ولا يضار كاتب ولا شهيد ) فأشبه أن يكون خرج من ترك ذلك ضرارا وفرض القيام بها في الابتداء على الكفاية كالجهاد والجنائز ورد السلام ولم أحفظ خلاف ما قلت عن أحد ‘ .

قال الماوردي : اختلف أصحاب الشافعي في تأويل قوله : ‘ ثم تتفرع الشهادات . . . . ‘ على أربعة أوجه :

أحدها : أنها تتفرع بأن تكون الشهادة في حال من فروض الكفاية عند كثرة العدد ، وفي حال من فروض الأعيان عند قلة العدد وقائل هذا الوجه متأول على ما لا يخالف فيه نص مذهبه .

والوجه الثاني : أنها تتفرع بأن يكون فرض تحملها على الكفاية وفرض أدائها على الأعيان .

وقائل هذا الوجه متأول له على خلاف مذهبه ، لأن فرض التحمل قد يتعين إذا لم يوجد غير من دعي للتحمل ، وفرض الأداء قد لا يتعين إذا وجد غير من دعي للأداء ، فلم يمتنع في التحمل والأداء من أن ينتقل كل واحد منهما من فرض الكفاية إلى فرض الأعيان ، ومن فرض الأعيان إلى فرض الكفاية ، ولئن كان المتحمل ملتزما لفرض الأداء فليس يمتنع أن لا يتعين عليه الأداء .

الوجه الثالث : أنها تتفرع بأن تكون الشهادة تارة في تصحيح عقد كالنكاح والرجعة ، وتارة في ندب كالبيع ، والإجارة وتارة في وثيقة كالديون .

وقائل هذا الوجه لا يخرج بتأويله عند مذهبه .

فإن كانت الشهادة في عقد نكاح لا يصح إلا بها وجب على الطالب أن يدعو إليها لتصحيح عقده .

فإذا اقتصر بالشهادة على تصحيح العقد جاز أن يدعو إليها أهل العدالة الظاهرة ، وإن أراد بها مع تصحيح العقد الوثيقة في إثباته عند الحكام دعا إليها أهل العدالة الباطنة ، لأن النكاح يصح بالعدالة الظاهرة ، وثبوته لا يصح إلا بالعدالة الباطنة .