پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص51

ويمتنع أن يكون فرض التحمل على الأعيان وفرض الأداء على الكفاية ، لأن الأداء يكون بعد التحمل ، غير أن الأغلب من حال التحمل أنه من فروض الكفايات ، وربما تعين وفي الأغلب من حال الأداء أنه من فروض الأعيان ، وربما صار على الكفاية ، لأن التحمل عام والأداء خاص ، ولذلك كثر عدد المتحملين وقل عدد المؤدين ، ولذلك ما اختير أن يكون عدد المتحملين ثمانية اثنان يموتان ، واثنان يمرضان ، واثنان يغيبان ، واثنان يحضران فيؤديان ، وإذا استوى التحمل والأداء في فروض الكفاية ، وفروض الأعيان ، كان فرض الأداء أغلظ من فرض التحمل .

قال تعالى : ( ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه ) [ البقرة : 283 ] .

وفيه تأويلان :

أحدهما : إنه فاجر قلبه فيحمل على فسقه بكتمها في العموم ، وهو معنى قول السدي .

والثاني : إنه مكتسب لإثم كتمها ، فيحمل على مأثمه بها في الخصوص ، وخص القلب بها ، لأنه محل لاكتساب الآثام والأجور .

( فصل )

: فإذا تقرر ما وصفنا لم يخل حال التحمل والأداء من ثلاثة أحوال :

أحدهما : أن يكون الفرض فيه على الكفاية ، لكثرة من يتحمل ويؤدي ، وزيادتهم على العدد المشروط في الحكم ، فداعي الشهود إلى التحمل والأداء مخير في الابتداء بدعاء أيهم شاء ، فإذا بدأ باستدعاء أحدهم إلى تحمل الشهادة أو أدائها ، فقد اختلف في حكم فرضه إذا ابتدىء على وجهين :

أحدهما : أنه يتعين عليه فرض الإجابة ، إلا أن يعلم أن غيره يجيب ، فلا يتعين عليه .

والوجه الثاني : أنه لا يتعين عليه فرض الإجابة ، إلا أن يعلم أن غيره لا يجيب ، فيتعين عليه الفرض ، فيكون على الوجه الأول عاصيا حتى يجيب غيره ، وعلى الوجه الثاني غير عاص حتى يمتنع غيره ، فإذا أجاب إلى التحمل والأداء العدد المشروط في الشهادة سقط فرضها عن الباقين ، وإن امتنعوا جميعا جرحوا أجمعين ، وكان المبتدىء بالاستدعاء أغلظهم مأثما ، لأنه صار متبوعا في الامتناع ، كما لو بدأ بالإجابة كان أكثرهم أجرا ، لأنه صار متبوعا فيها .

( فصل )

: والحال الثانية : أن يتعين الفرض في التحمل والأداء ، لأنه لا يوجد غير المدعو إليها في العدد المشروط في الحكم المشروط فيه ، فلا يمتنع من دعي إلى تحملها وأدائها أن يتوقف عن الإجابة ، وهو بالتوقف عاص إن لم يكن له عذر إلا أن