پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص48

لم تصح شهادته كالأعمى فيما يختص بالبصر ، وإن كان يعرف الصور بعد المقاربة وشدة التأمل قبلت شهادته به كالبصير .

( فصل )

: فأما الشهادة على من لا يعرفه الشاهد ولمن لا يعرفه الشاهد فإن كان ذلك في أدائها وإقامتها عند الحاكم ، لم يجز أن يشهد بها على من لا يعرفه ولمن لا يعرفه لأن الجهل بمعرفة كل واحد منهما مانع من صحة الشهادة ، كالجهل بمعرفة المشهود فيه ، وكمال المعرفة أن يعرفه بعينه واسمه ونسبه ، فإن عرفه بعينه دون اسمه ونسبه جاز في الحاضر ، ولم يجز في الغائب وإن عرفه باسمه ونسبه ، ولم يعرفه بعينه جاز في المشهود له ، ولم يجز في المشهود عليه ، لأنه قد يجوز أن يتحملها لغائب ، ولا يجوز أن يتحملها عن غائب .

فأما إذا أراد أن يتحمل الشهادة عمن لا يعرفه ، ولمن لا يعرفه ، فقد اختلف الناس في جوازه ، فمنع منه قوم ، لأن المقصود بالشهادة أداؤها ، ومع الجهالة لا تصح ، فصار الشاهد غارا .

وقال قوم يكلف المقر أن يأتيه بمن يعرفه ثم يشهد عليه بعد التعريف ، ولا يشهد عليه قبله ، والذي عليه الجمهور أنه يجوز أن يشهد على من لا يعرفه ، ولمن لا يعرفه إذا أثبت صورتهما ، وتحقق أشخاصهما وإن لم يرهما قبل الشهادة ، فإن أراد الشاهد إقامتها وعرف عند أدائها شخص المشهود عليه ، والمشهود له بأعيانها صح منه إقامتها مع الجهالة باسمها ونسبها ، وإن خفي عليه أشخاصهما ، واشتبهت عليه أعيانهما لم يجز له إقامتها .

( فصل )

: فأما تحلية المشهود عليه إذا كان مجهولا ، فقد أوجبها قوم لأنه يؤدي إلى المعرفة ، ومنع منها آخرون لأن الحلى قد يشتبه ، والذي عليه الجمهور أنه استظهار له باعثه على التذكر ، كالخط الذي يراد ليذكر الشهادة ، ولا يعول عليه في الأداء ، وإذا جازت التحلية استظهارا بها اشتمل الكلام فيها على فصلين :

أحدهما : ما يجوز أن يحلى فيه المقر به .

والثاني : ما يجوز أن يحلى فيه المقر .

فأما الفصل الأول : فيما يجوز أن يحلى فيه المقر ، فالحقوق المقر بها على ثلاثة أضرب :

أحدها : ما لا يحتاج إلى التحلية ، وهو الوصايا ، وما لا يلزم في العقود .

والثاني : ما يحتاج فيه إلى التحلية ، وهي الديون ، والبراءات ، والحقوق المؤجلة .