پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص43

وأما الجواب عن استدلالهم بأن الصوت يدل على المصوت كما يستدل الأعمى بصوت زوجته عليها ، فهو أن الاستمتاع بالأزواج لخصوص الاستحقاق أوسع حكما من الشهادة ، لجواز الاستدلال عليها باللمس ، فجاز الاستدلال عليها بالصوت ، ويجوز أن يعتمد في الاستمتاع بالمزفوفة إليه على خبر ناقلها إليه ، وإن كان واحدا ، وذلك ممتنع في الشهادة ، وكذا الأخبار ينقلها الواحد عن الواحد ، ويقبل خبر المرأة الواحدة عن المرأة الواحدة وإن لم يقبل شهادة الواحدة عن الواحدة فافترقا .

( فصل )

: فإذا تقرر ما ذكرنا من الخلاف في شهادة الأعمى ، فسنذكر شرح مذهبنا في شهادتهم ، فإذا تحمل الشهادة ، وهو بصير ثم أداها وهو أعمى لم يخل المشهود عليه أن يكون معينا بالإشارة أو يكون معينا بالنسب المعزى إليه ، فإن كان معينا بالإشارة إلى جسمه دون اسمه ، ونسبه لم يصح منه أداء الشهادة عليه ، وإن صح التحمل عنه لأنه يعد العمى لا يثبت الشخص المشار إليه كما لا تصح الشهادة عليه إذا كان غائبا للجهالة بعينه ، وإن تعين باسمه ونسبه صح من الأعمى أداء الشهادة عليه كما تصح الشهادة عليه مع غيبته بعد موته ، لأنه يتعين بالاسم والنسب ، كما يتعين بالإشارة وهكذا لو تحمل الشهادة عنه وهو بصير ، ويده في يده ثم عمي ، فشهد عليه قبل تخليته من يده صحت شهادته عليه ، وإن كان معينا بالإشارة لمعرفته قبل مفارقته ، فصح منه التحمل والأداء مع وجود العمى في الحالين ، وهكذا شهادته على المضبوط ، وهو أن يدنى رجل فمه من أذنه ويقر عنده فيضبطه ، ويشهد عليه بإقراره صحت شهادته ، وإن وجد العمى في حالتي التحمل والأداء لقطعه بالشهادة عليه .

وتصح شهادة الأعمى بالترجمة عند الحكام لأنه يشهد بتفسير الكلام المسموع .

ويقبل شهادة الأعمى بالنسب إذا تظاهرت به الأخبار المدركة بالسمع الذي يشترك فيه الأعمى والبصير ، وكذلك تقبل شهادته بالموت إذا تظاهرت به الأخبار .

فأما شهادته بالملك بالخبر المتظاهر فإن لم يعتبر مشاهدة التصرف في صحة الشهادة فبلت فيه شهادة الأعمى لاعتبار السمع وحده فيه ، وإن اعتبر مع استفاضة الخبر مشاهدة التصرف لم تقبل شهادة الأعمى فيه لفقد البصر المعتبر في وجود التصرف ، وهكذا إذا قبلت الشهادة بالزوجية بتظاهر الأخبار قبلت شهادة الأعمى بها ، إذا لم تجعل مشاهدة الدخول والخروج شرطا فيها وردت إن جعل شرطا .

فهذا ما يقبل فيه شهادة الأعمى ، ولا يقبل فيما عداه من الأفعال والعقود .

( فصل )

: فأما الأخرس فيصح منه تحمل الشهادة ، ولا يصح منه الأداء على مذهب الشافعي وأبي حنيفة ، وقال مالك يصح منه الأداء كما يصح منه التحمل ، وبه قال أبو العباس بن سريج ، وهذا فاسد ، لأن النطق معتبر في الأداء وغير معتبر في التحمل .