پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص36

( فصل )

: وإذا قال رجل لرجل : أنا ابنك لم يخل حال المدعى عليه من ثلاثة أحوال :

أحدها : أن يصدقه ، فيثبت نسبه بتصديقه ، ويكون بثبوت النسب بينهما بالإقرار ، وتكون الشهادة عليه كالشهادة على الإقرار ، فلو تناكرا النسب بعد الاعتراف لم ينتف .

والحال الثانية : أن ينكره المدعى عليه ، فلا يثبت نسب المدعي فلو عاد المنكر فاعترف بالنسب بعد إنكاره ثبت النسب ، ولو عاد المدعي فأنكر بعد إقراره لم ينتف النسب ، لأن الإقرار بعد الإنكار مقبول والإنكار بعد الإقرار مردود .

والحال الثالثة : أن يمسك المدعى عليه عن الإقرار والإنكار ، فإن لم يشهد حال إمساكه بالرضا لم يثبت النسب ، وإن شهدت حال إمساكه بالرضا ، فقد قال أبو حامد الإسفراييني : يثبت النسب ، لأن الرضا من شواهد الاعتراف ، وهذا على الإطلاق ليس بصحيح ، والحكم فيه أنه إن لم ينكر ذلك لم يكن اعترافا بالنسب وإن تكرر وزال عنه شواهد الخوف والرجاء في أحوال مختلفة صار اعترافا بالنسب ، لأن أكثر الأنساب بمثله تثبت وهكذا لو ابتدأ أحدهما ، فقال للآخر : أنا أبوك اعتبرت حال الابن بمثل ما اعتبرت به حال الأب ، وكان الجواب فيهما سواء .

( فصل )

: ولو شهد شاهدان أن فلان بن فلان هذا وكل فلان بن فلان هذا ، فقد اختلف هل تكون الشهادة بالوكالة موجبة للشهادة بنسبهما ، فذهب مالك إلى أن الشهادة مقصورة على الوكالة دون النسب اعتبارا بالمقصود فيهما ، وعلى مذهب الشافعي تكون شهادة بالوكالة وبالنسب جميعا ، وإن كان المقصود بها الوكالة دون النسب ، لأن الشهادة توجب إثبات ما تضمنها من مقصود وغير مقصود ، كمن شهد بثمن في مبيع وصداق في نكاح كانت شهادة بالمبيع والنكاح ، وإن قصد بها الثمن والصداق .

( فصل )

: وأما الملك المطلق فيثبت بسماع الخبر الشائع المتظاهر بسمع الناس على اختلافهم يقولون : هذا الدار لفلان ، وهذه الضيعة لفلان ، وهذه الدابة لفلان ، وهذا العبد لفلان ، وهذا الثوب لفلان ، ويتكرر ذلك منهم على مرور الزمان لا يرى فيهم منكر لذلك ، ولا منازع فيه فتصح الشهادة بهذا الخبر المتظاهر بالملك دون سببه ، لأن أسباب الملك كثيرة تختلف ، فتكون تارة بالشراء ، وتارة بالميراث ، وأخرى بالهبة ، وأخرى بالوصية ، وأخرى بالإحياء وأخرى بالغنيمة فلما تنوعت أسبابه جاز إذا تظاهرت به الأخبار أن يشهد له بالملك المطلق دون سببه الذي صار به مالكا ، لأن السبب يعلم بالمشاهدة فلم يجز أن يعمل فيه على الخبر المتظاهر ، وإن جاز أن يشهد بالملك المتظاهر إلا أن يكون سبب ملكه الميراث ، فيجوز أن يشهد فيه بالخبر