پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص31

عنه بالتوبة قولان :

أحدهما : قد سقط عنه بالتوبة ، فعلى هذا يعتبر في توبته شرطان الندم والعزم .

والقول الثاني : لا يسقط بالتوبة فعلى هذا يعتبر في توبته ثلاثة شروط الندم على ما فعل ، والعزم على ترك مثله في المستقبل ، والاعتراف به عند مستوفي الحد ، ليقيمه عليه ، فإذا استكملها صحت توبته في سقوط المأثم ، وما تعلق بحقوق الله تعالى .

فأما ثبوت العدالة وقبول الشهادة فمعتبر بعد التوبة بصلاح حاله واستبراء أفعاله بزمان يختبر فيه ، لقول الله تعالى : ( إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) [ الفرقان : 25 ] .

وصلاح حاله معتبر بزمان اختلف الفقهاء في حده ، فاعتبره بعضهم بستة أشهر ، واعتبره أصحابنا بسنة كاملة ، لأن السنة في الشرع أصل معتبر في الزكاة والجزية وأجل العنة ، ولأنها تشتمل على الفصول الأربعة المهيجة للطباع ، فإذا سلم فيها من ارتكاب ما كان تقدم عليه من المعاصي صحت عدالته ، وقبلت شهادته ، وفي اعتبار هذه السنة وجهان :

أحدهما : أنها معتبرة على وجه التحقيق .

والثاني : على وجه التقريب .

( فصل )

: وأما المعصية بالقول فضربان :

أحدهما : ردة في الدين يتعلق بها حق الله تعالى .

والثاني : قذف بالزنا يتعلق به حق آدمي .

فأما الردة عن الإسلام فالتوبة عنها بعد الندم والعزم ، يكون بما أسلم به الكافر من الشهادتين ، والبراءة من كل دين خالف الإسلام ؛ لأنه لما كانت معصيته بالقول كانت توبته بالقول ، كما أن معصية الزنا لما كانت بالفعل كانت التوبة منها بالفعل ، فإذا أتى المرتد بما يكون به تائبا عاد إلى حاله قبل ردته ، فإن كان من لا تقبل شهادته قبل ردته لم تقبل بعد توبته حتى تظهر منه شروط العدالة ، وإن كان ممن تقبل شهادته قبل الردة نظر في التوبة ، فإن كانت عنه اتقاء منه للقتل لم تقبل شهادته بعد التوبة إلا أن تظهر منه شروط العدالة باستبراء حاله وصلاح عمله ، وإن تاب من الردة عفوا غير متق بها القتل عاد بعد التوبة إلى عدالته .

وأما القذف بالزنا ، وهو مسألة الكتاب ، فلا يكون بعد الندم والعزم إلا بالقول ، لأن معصية بالقول كالردة ، فيعتبر في صحة توبته ثلاثة شروط :

أحدها : الندم على قذفه .