الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص30
والثالث : برد المغصوب أو بدله إن عدم على صاحبه ، وتسليم نفسه إلى مستحق القصاص ليقتص أو يعفوا ، فإن أعسر بالمال أنظر إلى ميسرته ، والتوبة قد صحت ، وهذه التوبة معتبرة في الظاهر والباطن ، لأن الغصب ظاهر .
والضرب الثاني : ما كان الحق المتعلق به مختصا بالله تعالى كالزنا ، واللواط ، وشرب الخمر فله في فعله حالتان :
إحداهما : أن يكون قد استتر بفعله ، ولم يتظاهر به ، فالأولى به أن يستره على نفسه ولا يظهره لقول النبي ( ص ) : ‘ من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله فإنه من أبدى لنا صفحته أقمنا عليه حد الله ‘ وكانت توبته معتبرة بشرطين : أحدهما : الندم على فعله . والثاني : العزم على ترك مثله ، فإن أظهره لم يأثم بإظهاره لأن ماعزا والغامدية اعترفا عند رسول الله ( ص ) بالزنا فرجمهما ، ولم ينكر عليهما اعترافهما .
وقال لهزال بن شرحبيل وقد أشار على ماعز بالاعتراف بالزنا . ‘ هلا سترته بثوبك يا هزال ‘ ، فإن أظهر ذلك قبل التوبة وجب الحد عليه ، وكانت توبته معتبرة بثلاثة شروط : الندم على فعله ، والعزم على ترك مثله ، وتسليم نفسه للحد ، فإن سلمها ، ولم يحد صحت توبته ، وكان المأثم في ترك الحد على من يلزمه استيفاؤه من الإمام أو من ينوب عنه ، فإن أظهر ذلك بعد توبته ، فالتوبة صحيحة يسقط بها حدود الحرابة .
وفي سقوط ما عداها من حدود الله تعالى في الزنا والخمر وقطع السرقة قولان :
أحدهما : تسقط كالحرابة ، فعلى هذا تكون صحة توبته معتبرة بشرطين الندم والعزم .
والثاني : لا تسقط فعلى هذا تكون صحة توبته معتبرة بعد الشرطين بثالث ، وهو تسليم نفسه للحد ، وهذا إذا تاب قبل ظهور حاله ، ويعود بعد التوبة إلى حاله قبل المعصية .
فإن كان ممن يقبل شهادته قبل المعصية قبلت بعد التوبة ، وإن كان ممن لا تقبل قبل المعصية لم تقبل بعد التوبة ولا يتوقف عنه لاستبراء صلاحه ، لأنه ما أظهر التوبة فيما كان مستورا عليه إلا عن صلاح يغني عن استبراء الحال .
والحال الثانية : أن يكون قد تظاهر بالمعصية من الزنا واللواط وشرب الخمر ، فعليه أن يتظاهر بالتوبة كما تظاهر بالمعصية ، فإن ثبت الحد عليه عند مستوفيه لم يسقط عنه بالتوبة ، ويعتبر صحة توبته بثلاثة شروط ، الندم على فعله والعزم على ترك مثله ، وأن يسلم نفسه لإقامة الحد عليه وإن تاب قبل ثبوت الحد عليه ، ففي سقوطه