پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص26

بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ) [ النور : 5 ] والاستدلال بها من ثلاثة أوجه :

أحدها : أن الاستثناء [ بالتوبة ] يرفع حكم ما تقدم ، والاستثناء إذا انعطف على جملة عاد إلى جميعها ، ولم يختص ببعضها ، كقوله زينب طالق وسالم حر إن شاء الله يعود الاستثناء إليهما ، ولا يختص بأقربهما ، فلا تطلق زينب كما لم يعتق سالم .

والثاني : أن الجلد ورد الشهادة حكمان والفسق علة والاستثناء راجع إلى الحكم دون العلة .

كما لو قال : إن دخل زيد الدار وجلس ، فأعطه درهما ، لأنه صديق ، فدخل ولم يجلس فلم يستحق الدرهم ، وكان على الصداقة ، لأن الدرهم جزاء ، والصداقة علة .

والثالث : أن الفسق إخبار عن ماض ، ورد الشهادة حكم مستقبل والاستثناء يرجع إلى مستقبل الأحكام ، ولا يرجع إلى ماضي الأخبار . واعترضوا على الاستدلال بهذه الآية من ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه لما لم يعد الاستثناء بالتوبة إلى الجلد منع من حمله على العموم ، ودل على اختصاصه بأقرب مذكور ، وهو الفسق دون رد الشهادة ، وإن كان من مذهبهم أن الاستثناء يختص بأقرب مذكور عنه جوابان :

أحدهما : أنه لم يعدل إلى الجلد لدليل خصه وهو أنه حق آدمي ، فبقي ما عداه على حكم أصله .

والثاني : أن الفسق عله في رد الشهادة ، وارتفاع العلة موجب لرفع حكمها ، وليس الفسق علة في وجوب الحد . فلذلك ارتفع رد الشهادة ، ولم يرتفع وجوب الحد .

والاعتراض الثاني : أن قالوا : فقوله ( إلا الذين تابوا ) عائد إلى ما بعده من الكلام لا إلى ما قبله ، لأنه قال : ( إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ) [ النور : 5 ] أي إلا الذين تابوا وأصلحوا فإن الله يغفر لهم ، ويرحمهم فتعود التوبة إلى الغفران والرحمة ، ولا تعود إلى الفسق ورد الشهادة لئلا يصير ما بعده من الكلام منقطعا وعنه جوابان :

أحدهما : أن قوله : ( فإن الله غفور رحيم ) صفة لذاته لا تتعلق باستثناء ولا شرط .