پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص25

والدليل على فسقه ، ورد شهادته بالقذف دون الجلد قول الله تعالى : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ، وأولئك هم الفاسقون ) [ النور : 4 ] فعلق على القذف ثلاثة أحكام الجلد ، والفسق ، ورد الشهادة ، فلما تعلق الجلد بالقذف وجب أن يكون ما ضم إليه وقرن به متعلقا بالقذف ، ولأن الجلد تطهير وتكفير ، لقول النبي ( ص ) : ‘ الحدود كفارات لأهلها ‘ فلم يجز أن يكون تكفير ذنبه موجبا لتغليظ حكمه .

ولأن فسقه ورد شهادته إنما يتعلق بفعله لا بفعل غيره ، والقذف من فعله ، والجلد من فعل غيره . ولأنه لما فسق بالسرقة دون القطع وبالزنا دون الحد وجب أن يكون القذف بمثابتهما ، لأن الحدود موضوعة لاستيفاء الحقوق وبه يقع الانفصال عن استدلاله .

( فصل )

: فإذا استقر بقذفه وجوب الأحكام الثلاثة ، فإن من قذف لم يسقط عنه بالتوبة الجلد باتفاق ، وزال فسقه باتفاق واختلف في قبول شهادته بعد التوبة ، فذهب الشافعي في ذلك وفقهاء الحرمين إلى قبول شهادته قبل الجلد وبعده ، وهو قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبه قال الزهري والأوزاعي والشعبي ، وأحمد وإسحاق .

وقال أبو حنيفة : لا أقبل شهادته بعد الجلد أبدا وبه قال شريح والحسن البصري والنخعي والثوري استدلالا بقول الله تعالى : ( ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ) ، وما أبد الله حكمه لم يزل .

وبرواية عائشة رضي الله عنها أن النبي ( ص ) قال : ‘ ولا تقبل شهادة خائن ولا خائنة ولا محدود في قذف ‘ .

قالوا : وهذا نص لا يرتفع بالتوبة ، ولأن ما تعلق بالقذف من حقوق الآدميين لم يسقط بالتوبة كالجلد والشهادة من حقوق الآدميين . والدليل على قبول شهادته بعد التوبة قول الله تعالى : ( ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ) [ النور : 4 ] ( إلا الذين تابوا من