پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص15

( فصل )

: فإذا تقرر بما ذكرنا أن حكم الحاكم في الظاهر لا يحيل الأمور عما هي عليه في الباطن ، وإذا كان كذلك انقسمت أحكامه ستة أقسام :

أحدها : أن يحكم بشهادة صدق أو يمين صدق فيما لا يختلف فيه مذاهب الفقهاء ، فحكمه نافذ في الظاهر والباطن ، وعلى المحكوم عليه أن يلتزمه فيما كان ظاهرا وباطنا ، وللمحكوم له أن يستبيحه ظاهرا وباطنا .

والقسم الثاني : أن يحكم بشهادة زور أو يمين كاذبة فيما لا تختلف فيه مذاهب الفقهاء ، كشاهدين زور شهدا لرجل بنكاح امرأة منكرة ، فحكم له الحاكم بنكاحها ، فهي حلال له في الظاهر وحرام عليه في الباطن ، ولها أن تنكح غيره في الباطن ، وليس لها نكاحه في الظاهر .

ولو طلق الرجل زوجته ثلاثا ، وأنكرها ، وحاكمته فأحلفه الحاكم لها حلت له في الظاهر ، وحرمت عليه في الباطن ، وحل لها أن تتزوج غيره في الباطن ، ومنعت من التزويج بغيره في الظاهر ثم على هذا .

والقسم الثالث : أن يحكم بما يخالف ظاهره لباطنه ، ولا تنبرم علانيته بعد حكمه كرجل باع جارية على رجل وجحده المشتري ، وحاكمه ، فأحلفه الحاكم أنه لم يشترها وعادت الجارية إلى بائعها ، فالأولى للحاكم أن يحمل المشتري على الاستقالة ، ويحمل البائع على الإقالة ؛ لتحل لبائعها ظاهرا وباطنا فإن لم يفعل أو فعل ، فلم يجب المشتري إلى الاستقالة ولا البائع إلى الإقالة ، ففيها لأصحابنا ثلاثة أوجه :

أحدها : أن تعود إلى البائع ملكا للمشتري ليبيعها ، فيما يستحقه من ثمنها عليه ، ولا يحل له وطؤها وما باعها به من زيادة في الثمن لزمه ردها ، وما بقي له من ثمنها كان حقا له عليه ؛ لأن الباطن مخالف للظاهر .

والوجه الثاني : أن الجحود يجري مجرى الرد بالإقالة ، فإن أراد البائع إعادتها إلى ملكه أظهر الإقالة ، وحكم له بعد إظهارها ، وإن لم يرد إعادتها إلى ملكه لم تحل له ، وكانت في يده ليستوفي ببيعها ماله من ثمنها ، وفي جواز تفرده ببيعها وجهان :

والوجه الثالث : أن الجحود يجري مجرى الفلس لتعذر الوصول إلى الثمن ، فإن أراد أن يتملكها قال ، قد اخترت عين مالي باسترجاعها ، وفي جواز تفرده بهذا القول من غير حاكم وجهان ، ثم هي حلال له وإن لم يرد أن يتملكها كانت في يده للمشتري يستوفي ثمنها من بيعها .

والقسم الرابع : أن يحكم بما اختلف الفقهاء فيه ، فهو على ثلاثة أضرب :