الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص13
القاتل : يا رسول الله ( ص ) ما أردت قتله قال : فقال رسول الله ( ص ) للولي : ‘ أما إنه إن كان صادقا فقتلته دخلت النار ‘ سبيله فخرج يجر نسعته فسمي ذا النسعة .
فموضع الدليل منه أن النبي ( ص ) بعد إذنه في قتله أخبر أنه كان صادقا ، فأحرم قتله ، فدل على نفوذ الحكم في الظاهر دون الباطن
وأما الاعتبار فهو أن شهادة الزور أفسد من شهادة العبد والكافر ، وحكم الأموال أخف من حكم الفروج ، فلما لم ينفذ الحكم في الباطن بشهادة العبد والكافر كان أولى أن لا تنفذ في الفروج بشهادة الزور ، ولما لم ينفذ بشهادة الزور في الأموال كان أولى أن لا تنفذ في الفروج ، ويتحرر من اعتلال هذا الاستدلال قياسان :
أحدهما : أن كل شهادة لا ينفذ بها حكم الباطن في الأموال لم ينفذ في الفروج قياسا على شهادة العبد والكافر .
والقياس الثاني : أن كل حكم لا ينفذ في الباطن بشهادة العبد والكافر لم ينفذ بشهادة الزور ، بخلاف الحكم في الأموال .
فإن قالوا : الأموال لا مدخل للحكام في نقلها ، ولهم مدخل في نقل الفروج بتزويج الأيامى ، ووقوع الفرقة بالعنة والفسخ بالعيوب ، فلذلك وقع الفرق بين الأموال والفروج .
والعبد والكافر ليس من أهل الشهادة ، وشاهد الزور من أهل الشهادة ، فلذلك وقع الفرق بينهما .
قيل : الجواب عن فرقة بين الأموال والفروج من وجهين :
أحدهما : أن له في نقل الأموال ولاية كالفروج : لأن له أن يبيح على الصغير ماله لحاجته وعلى المفلس ماله لحاجة غرمائه .
والثاني : ليس له ولاية في نقل الفروج ، كما ليس له ولاية في نقل الأموال ، لأنه لا يزوج ، ولا يفسخ إلا باختيار ، ولو ملك الولاية لنقلها بالاختيار .
وعن فرقه بين شهادة الزور وبين شهادة العبد والكافر جوابان :
أحدهما : أنه لما استويا في إبطال الحكم عند العلم بهما قبل الحكم وجب أن يستويا فيه عند العلم بهما بعد الحكم .
