الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص339
يلزم بالإقرار ، كشفعة الجوار إذا قال : قد حكمت بها على نفسي للجار لم ينفذ حكمه بها على نفسه .
والوجه الثاني : يكون حكما على نفسه ، فإذا حكم عليها بشفعة الجوار لزمته ، وإذا حكم عليه بمقاسمة الإخوة للجد في الميراث وكان جدا نفذ حكمه وإن كان أخا لم ينفذ حكمه ؛ لأنه حكم لها .
فأما حكمه لأحد من والديه ، وأن يعدوا ، أو لأحد من مولوديه وإن سفلوا ، فمردود في قول جمهور الفقهاء . وحكي عن أبي ثور جوازه .
وهذا خطأ ؛ لأن الحكم أقوى من الشهادة ، وهو ممنوع من الشهادة لهم ، فكان أولى أن يمنع من الحكم لهم .
فأما حكمه على والديه ومولوديه فجائز ؛ لأنه لما جازت شهادته عليهم جاز حكمه عليهم .
فأما من عدا طرفيه الأعلى والأسفل من أقاربه كالإخوة وبنيهم والأعمام وبنيهم فيجوز أن يحكم لهم وعليهم كما يجوز أن يشهد لهم وعليهم .
فلو تحاكم إليه ولده ووالده فحكم لأحدهما على الآخر ففي جوازه وجهان محتملان :
أحدهما : لا يجوز ؛ لأنه حكم لوالده وولده .
والوجه الثاني : يجوز ؛ لأنها قد استويا في البعضية فانتفت عنه تهمة الممايلة فصار حاكما على والد أو ولد .
وإذا أراد القاضي أن يستخلف في أعماله والدا أو ولدا جاز ، وإن لم يجز أن يشهد لهم ولا يحكم ، إذا كانوا ممن يجوز أن يستخلفهم غيرهم لأن ما بينهما من البعضية التي تجريهم مجرى نفسه ، فحكمه بنفسه جائز فجاز بمن هو بعضه ، ولذلك جاز أن يستخلف الإمام في أعماله من يرى من أولاده .
وخالف تقليد القضاء ، لأنه يجوز أن يقضي بنفسه ، فجاز أن يقتضي من يجري بالقضية يجري نفسه .
فأما إذا رد الإمام إلى القاضي اختيار قاض لم يكن له أن يختار والده ولا ولده ؛ لأن رد الاختيار إليه يمنعه من اختيار نفسه ، فمنعه ذلك من اختيار ممن يجري بالبعضية مجرى نفسه .